الثانية: أن يكون قارناً أو مفرداً: فإذا لم يكونا أتيا مكة قبل يوم النحر، ولا طافا للقدوم، فإنهما يبدآن بطواف القدوم قبل طواف الزيارة كالمتمتع، وإذا كانا قد طافا طواف القدوم فيطوفان للزيارة فقط.

ودليل ذلك: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا» [البخاري: 4395، ومسلم: 1211]، فقولها: «فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِداً» هو طواف القدوم؛ ولأنه قد ثبت أن طواف القدوم مشروع، فلم يكن الطواف طوافُ الزيارة مسقطاً له، كتحية المسجد عند دخوله قبل التلبس بالفرض.

واختار ابن قدامة وشيخ الإسلام: أن الحاج سواء كان متمتعًا أو غيره يطوف للزيارة ولا يطوف للقدوم ولو لم يكن دخل مكة قبل ذلك؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه الذين تمتعوا معه في حجة الوداع، وكمن دخل المسجد وأقيمت الصلاة، فإنه يكتفي بها عن تحية المسجد، وأما حديث عائشة رضي الله عنها؛ فقال شيخ الإسلام: (هذه الزيادة، قيل: إنها من قول الزهري، لا من قول عائشة)، وقال ابن القيم: (المراد به الطواف بين الصفا والمروة، لا الطواف بالبيت).

قال ابن قدامة: (ولا أعلم أحداً وافق أبا عبد الله-يعني: أحمد بن حنبل- على هذا الطواف).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015