فاجتهد أصحاب هذه الطبقة في استخراج مناطات أحكامه، واستنباط قواعد مذهبه من أقواله، فكان منهم العلماء الأذكياء، الذين قاموا للإمام بأعظم الوفاء، فسَبَكوا عباراتِه وما يخرَّج عليها في متون فقهية، وقعَّدوا لأقواله قواعد علمية، ونصروا مذهبه بأدلة نقلية وعقلية، وقارنوا بين الأقوال الواردة عمن سبقهم، فصححوا ورجحوا، ونقدوا وضعَّفوا، فكان من أهم تلك المتون التي حظيت بعناية فقهاء المذهب متنان: (الهداية) لأبي الخطاب الكلوذاني، و (المقنع) لابن قدامة المقدسي، وكان من أوسع تلك المصنفات التي جمعت ما سبقها من المتون والمؤلفات: كتاب (الفروع) لشمس الدين ابن مفلح.

وهي طبقة زَخَرت بعلماء وكُتُب شيدت للمذهب أركانه، وشدت له عموده وبنيانه، فرحم الله أهلها وجمعنا بهم في جنات النعيم.

الطبقة الثالثة: المتأخرون (885 هـ- .... ): ويبتدئون بعلَّامة المذهب في زمانه، القاضي علاء الدين المرداوي، المعروف بالمصحِّح والمرجِّح والمنقِّح، ومن جاء بعده من فقهاء وعلماء، فنظروا في أقوال السابقين وأدلتهم، واشتغلوا فيها بالترجيح، والنظر فيما هو المذهب المعتمد والقول الصحيح، فجاءت مؤلفاتهم لتحقيق هذا المراد، فألَّف المرادوي كتابه العظيم الذي صار عمدة من جاء بعده من المؤلفين: (الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف)، ثم اختصره في كتابه: (التنقيح المشبع)، وجاء بعده إماما المذهب: شرف الدين موسى الحجاوي، وألَّف كتابه: (الإقناع)، وتقي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015