- مسألة: (وَ) حكم الكتابة لا يخلو من ثلاثة أقسام:

الأول: (تُسَنُّ كِتَابَةُ مَنْ عَلِمَ فِيهِ خَيْراً)؛ لقوله تعالى: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} [النور: 33]، (وَهُوَ) أي: الخير: (الكَسْبُ وَالأَمَانَةُ)، والآية محمولة على الندب؛ لحديث أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ» [الدارقطني 2886]، ولأنه دعاء إلى إزالة ملكه بعوض، فلم يجبر السيد عليه؛ كالبيع.

وعنه: تجب، إذا ابتغاها من سيده أجبر عليها بقيمته؛ لظاهر الآية، لأن الأصل في الأمر الوجوب، وعن قتادة قال: «سَأَلَ سِيرِينُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الْكِتَابَةَ، فَأَبَى أَنَسٌ، فَرَفَعَ عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ الدِّرَّةَ، وَتَلَا: {فَكَاتِبُوهُمْ}، فَكَاتَبَهُ أَنَسٌ» [عبدالرزاق 15577]، ولأن الشارع يتشوف إلى تكثير الأحرار، قال ابن عثيمين: (وهذا القول قوي جدًّا، بشرط أن نعلم فيه خيراً).

(وَ) الثاني: (تُكْرَهُ) الكتابة (لِمَنْ لَا كَسْبَ لَهُ)؛ لئلا يصير كَلًّا على الناس ويحتاج إلى السؤال.

وعنه: لا تكره؛ لأن بَرِيرَةَ كاتبت ولا حرفة لها، فلم ينكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال ابن قدامة: (وينبغي أن ينظر في المكاتب؛ فإن كان ممن يتضرر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015