وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ امْرَأَةً لَهُ رَاجَعَتْهُ يَوْمًا، فَقَالَ: لَتَنْتَهِنَّ، أَوَّلًا لَأَدْعُوَنَّ اللَّهَ عَلَيْكَ، فَقَالَتْ لَهُ: أَنْتَ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً تَدْعُو عَلَى الْحَجَّاجِ، فَمَا تَزْدَادُ عُنُقُهُ إِلَّا غِلْظًا.
وَقَالَ الشَّاعِرُ: فَقُلْتُ لَهُ وَأَنْكَرَ بَعْضَ شَيْءٍ ... أَلَمْ تَعْرِفْ رِقَابَ بَنِي تَمِيمِ
وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَتْ خَنْسَاءُ فِي قَوْلِهَا: يَهْدِي الرَّعِيلَ إِذَا جَارَ السَّبِيلُ بِهِمْ ... نَهْدَ التَّلِيلِ لِزُرْقِ السُّمْرِ رِكَّابَا
وَالتَّلِيلُ: الْعُنُقُ، وَيَقُولُ النَّاسُ: لَأُحِيلَنَّكَ عَلَى رَجُلٍ غَلِيظِ الرَّقَبَةِ، وَإِنَّمَا شَبَّهُوهُ بِالْأَسَدِ، يُقَالُ لِلْأَسَدِ: أَغْلَبُ، لِغِلَظِ رَقَبَتِهِ، وَقَالَ الرَّاعِي: وَلَيْلٍ كَلَوْنِ السَّاجِ خُوصٍ نُجُومَهُ ... أَخَافُ بِهِ رَجْلًا وَأَغْلَبَ عَادِيَا
وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: فِي قَوْلِ الْعَجَّاجِ: مَا زِلْتُ يَوْمَ الْبَيْنِ أَلْوِي صَلَبِي
وَالرَّأَسَ حَتَّى صِرْتُ مِثْلَ الْأَغْلَبِ
لُغَةٌ فِي الصُّلْبِ، وَيُرْوَى صُلُبِي، بِالضَّمِّ، فَإِذَا الْتَفَتَ الْأَغْلَبُ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَّا بِعُنُقِهِ كُلِّهِ