الَّذِي نَشَأَ فِي الْمَفَازَةِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا، وَيُقَالُ أَيْضًا: بَعِيرٌ مُقْحَمٌ قَدِ اقْتَحَمَ اقْتِحَامًا، إِذَا اقْتَحَمَ سِنِينَ فِي سِنٍّ، مِثْلُ: أَنْ يُجْذِعَ وَيُثَنِّيَ فِي سَنَةٍ، أَوْ يُثَنِّي وَيُرْبِعُ فِي سَنَةٍ.
وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: بَعِيرُ مُقْحَمٌ هُوَ الَّذِي تُقْحِمُهُ سِن إِلَى سِنٍّ أُخْرَى، قَالَ الرَّاجِزُ: وَإِنْ رَغَا لَمْ يُنْجِهِ تَزَغْمُهْ
مِنْ عَرَكٍ فَصِيلُهَا وَمُقْحَمُهْ.
فَإِنْ يَكُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ هَذَا، فَإِنَّهُ ضُرِبَ اقْتِحَامُ الْبَعِيرِ سِنًّا إِلَى سِنٍّ آخَرَ لِلْخَوَارِجِ، وَأَهْلِ الْأَهْوَاءِ مَثَلًا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبُوا أَنْ خَرَجُوا مِنْهُ إِلَى شَيْءٍ آخَرَ، يُقَالُ مِنْهُ إِبِلٌ مَقَاحِمٌ وَمَقَاحِيمٌ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَذْكُرُ فَحْلًا: خِدَبٍّ حَنَى مِنْ صُلْبِهِ بَعْدَ سَلْوَةٍ ... عَلَى قُصْبِ مُنْضَمِّ الثَّمِيلَةِ شَازِبِ
مِرَاسُ الْأَوَابِي عَنْ نُفُوسٍ عَزِيزَةٍ ... وَإِلْفُ الْمَتَالِي فِي قُلُوبِ السَّلَائِبِ
وَلِلشَّوْلِ أَتْبَاعٌ مَقَاحِيمُ بَرَّحَتْ ... بِهِ وَامْتِحَانُ الْمُبْرِقَاتِ الْكَوَاذِبِ
فَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: الْخِدَبُّ: الْعَظِيمُ، حَنَى مِنْ صُلْبِهِ، أَيْ أَحْنَقَهُ وَأَضْمَرَهُ، وَحَنَاهُ أَيْضًا، إِلْفُ الْمَثَالِي فِي قُلُوبِ السَّلَائِبِ، يَعْنِي: مَا فِي قُلُوبِ السَّلَائِبِ، مِنْ إِلْفِ الْمَتَالِي، وَذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ أَنْ تُسْلَبَ مَعَ الْمَتَالِي، فَلَمَّا اسْتَلَبَتْ حُوِّلَتْ عَنِ الْمَتَالِي إِلَى الطَّرُوقَةِ.
وَالطَّرُوقَةُ: الَّتِي يَضْرِبُهَا الْفَحْلُ، فَإِذَا أَفْلَتَتِ السَّلَائِبُ، رَجَعَتْ إِلَى الْمَتَالِي، فَيَرْجِعُ الْفَحْلُ فَيَسْتَخْرِجُهَا مِنْهَا، فَيَرُدُّهَا إِلَى الطَّرُوقَةِ، وَالسَّلُوبِ: الَّتِي ذَهَبَ وَلَدُهَا