وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: " كُنَّا إِذَا اشْتَدَّ الْبَأْسُ، وَاحْمَرَّتِ الْحَدَقُ، اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَّا أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ.
احْمَرَّتِ الْحَدَقُ: أَيِ احْمَرَّتْ لِشِدَّةِ الْغَضَبِ فِي الْحَرْبِ
وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ لِضِرَارِ بْنِ الْخَطَّابِ: بِيضٌ جِعَادٌ كَأَنَّ أَعْيُنَهُمْ ... تُكْحَلُ يَوْمَ الْهِيَاجِ بِالْعَلَقِ
أَيْ لِشِدَّةِ الْغَضَبِ.
وَأَنْشَدَ مِثْلَهُ لِامْرِئِ الْقَيْسِ، وَذَكَرَ كِلَابًا: مُغَرِّثةً زُرْقًا كَأَنَّ عُيُونَهَا ... مِنَ الذَّمْرِ وَالْإِيحَاءِ نُوَّارُ عَضْرَسِ
وَعَضْرَسٌ بِالْفَتْحِ، مُغَرَّثَةٌ: مُجَوَّعَةٌ، وَالْغَرَثُ: الْجُوعُ، وَالذَّمْرُ: الْإِغْرَاءُ.
وَيُقَالُ: أَسَدْتُ الْكَلْبَ، إِذَا قُلْتُ لَهُ خُذْ، وَالْعَضْرَسُ: بَقْلَةٌ حَمْرَاءُ الزَّهْرَةِ، فَأَرَادَ أَنَّ عُيُونَهَا احْمَرَّتْ مِنْ شِدَّةِ الْغَضَبِ، وَقَالَ فِي قَوْلِ الْأَعْشَى: كَذَلِكَ فَافْعَلْ مَا حَيِيتَ إِلَيْهِمْ ... وَأُقْدِمُ إِذَا مَا أَعْيُنُ الْقَوْمِ تُزْرِقُ
قَوْلُهُ: أُقْدِمُ: تَقَدَّمَ فِي الْحَرْبِ، وَقَوْلُهُ: تُزْرِقُ: إِذَا فَزِعَ الْإِنْسَانُ، وَبَرِقَ انْقَلَبَتْ حَمَالِيقُ عَيْنَيْهِ، فَيَغِيبُ السَّوَادُ.
قَالَ: وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: كَأَنَّ عُيُونَ الْوَحْشِ حَوْلَ خِبَائِنَا ... وَأَرْحُلُنَا الْجَزْعُ الَّذِي لَمْ يُثقَّبِ.