خَوْدٌ تُريِكَ الْجَسَدَ الْمُنَعَّمَا ... كَمَا رَأَيْتَ الْكَثَرَ الْمُبَلَّمَا
وَالْكَثَرُ: جُمَّارُ النَّخْلِ، وَالْمُبَلَّمُ: الَّذِي يُجْعَلُ حَوْلَهُ الْخُوصُ.
وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْتُ، وَهُوَ بَيْتٌ مُوَلَّدٌ، زَعِمَ ذَلِكَ أَبُو زَيْدٍ، وَالْأَصْمَعِيُّ:
أَتَوْنَا زَائِرِينَ فَلَمْ يَئُوبُوا ... بِأُبْلُمَةٍ تُشَدُّ عَلَى وَزِيمِ
وَالْوَزِيمُ: حِزْمَةُ الْبَقْلِ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ، أَنَّهُ قَالَ: إِنْ شِئْتُمْ وَاللَّهِ فَرَرَنَاهَا جَذَعَةً يُرِيدُ فَرَرَنَا الْحَرْبَ فَأَضْمَرَ لِغَيْرِ مَذْكُورٍ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ فِي الْأَمْرِ إِذَا عَاوَدَهُ مِنَ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ رَأْسٍ فُرَّ الدَّهْرُ جَذَعًا، وَأَنْشَدَ:
وَمَا أَزَالُ عَلَى أَرْجَاءِ مَهْلكَةٍ ... يُسَائِلُ الْمَعْشَرُ الْأعَدَاءَ مَا صَنَعَا
وَمَا رَمَيْتُ عَلَى خَصْمٍ بِفَاقِرَةٍ ... إِلَّا رُمِيتُ بِخَصْمٍ فُرَّ لِي جَذَعًا
مَا سُدَّ مِنْ مَطْلَعٍ ضَاقَتْ ثَنِيَّتُهُ ... إِلَّا وَجَدْتُ سَوَاءَ الضِّيقِ مُطَّلَعَا
وَقَالَ غَيْرُ أَبِي زَيْدٍ: وَالدَّهْرُ يُسَمَّى جَذَعًا لِأَنَّهُ جَدِيدٌ أَبَدًا، وَأَنْشَدَ:
يَا بِشْرُ لَوْ لَمْ أَكُنْ مِنْكُمْ بِمَنْزِلَةٍ ... أَلْقَى عَلَيَّ يَدَيْهِ الْأَزْلَمُ الْجَذَعُ
وَكَانَ بَعْضُهُمْ، يَقُولُ: «الْأَزْلَمُ الْجَذَعُ» فِي هَذَا الْبَيْتِ الْأَسَدُ، وَهَذَا الْقَوْلُ خَطَأٌ، إِنَّمَا هُوَ الدَّهْرُ، يَقُولُ: لَوْلَا أَنْتُمْ لَأَهْلَكَنِي الدَّهْرُ.