يَا أَبَا فِرَاسٍ تَسْمَعُ شِعْرَ بَعْضِ صِبْيَانِنَا، ثُمَّ دَعَا صَبِيًّا لَهُ مِنَ الْكُتَّابِ لَهُ سِتُّ سِنِينَ، فَقَالَ: أَنْشِدْ عَمَّكَ بَعْضَ مَا قُلْتَهُ، فَأَنْشَدَهُ الصَّبِيُّ: وَهُمُ إِذَا كَسَرُوا الْجُفُونَ أَكَارِمٌ ... صُبُرٌ وَحِينَ تُحَلَّلُ الْأَزْرَارُ
يَغْشَوْنَ حَوْمَاتِ الْحِيَاضِ وَإِنَّهَا ... فِي اللَّهِ عِنْدَ نُفُوسِهِمْ لَصِغَارُ
يَمْشُونَ فِي الْخَطِّيِّ لَا يَثْنِيهِمُ ... وَالْقَوْمُ إِذْ رَكِبُوا الرِّمَاحَ تِجَارُ
فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ لِلصَّبِيِّ: اسْكُتْ وَيْلَكَ لَا يَسْمَعُكَ الْحَوَّاكُونَ فَيَخْرُجُوا عَلَيْنَا مَعَكُمْ بِحُفُوفِهِمْ.
قَالَ أَبُو زَيْدٍ: الْحُفُوفُ وَاحِدُهَا حَفٌّ: وَهُوَ الْمِنْسَجُ، وَجَمْعُهُ الْمَنَاسِجُ، وَهُوَ الَّذِي يُنْسَجُ بِهِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الْحَفَّةُ، الْقَصَبَاتُ الثَّلَاثُ، يُقَالُ «مَا أَنْتَ بِلَحْمَةٍ وَلَا سَتَاةٍ، وَمَا أَنْتَ بِنِيرَةٍ، وَلَا حَفَّةٍ» ، فَالنِّيرَةُ: الْخَشَبَةُ الْمُعْتَرِضَةُ، وَالسَّتَاةُ: هِيَ السَّدَاةُ، وَسُدًى مَقْصُورٌ يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ
164 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّ رَجُلًا أُحَيْبِنَ أُحَيْدِبَ أُفَيْدِعَ أُزَيْمِنَ مُقْعَدًا، فَذَكَرَ مِنْ مَرَضِهِ، كَانَ عِنْدَ جِرَارِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَأَنَّهُ ظَهَرَ بِامْرَأَةٍ حَبَلٌ، فَسُئِلَتْ،