قَالَ: مَنِ الْقَبَائِلِ الَّتِي يَعْنِي؟ قَالَ: أَنْتُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَنُو كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ؛ لِلُزُومِكُمُ الْحَرَمَ، وَخُرُوجِهِمْ مِنْهُ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تنفسُ قُرَيْشًا، وَتُعَيِّرُ أَهْلَ الْحَرَمِ مِنْهَا الْمُقَامَ بِالْحَرَمِ، وَأَسْمَوْهُمُ الضَّبَّ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ قَائِلُهُمْ:
شَدُّوا مَا عَلَى الضَّبِّ فَلَمْ يَخْرُجْ أَحَدْ
قَالَ الزُّبَيْرُ، قَالَ ُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: كَانَتْ قُرَيْشُ الظَّوَاهِرِ يَدَيْنِ: فَبَنُو عَامِرٍ يَدٌ، وَهُمْ يُدْعَوْنَ الْبُسْلَ، وَسَائِرُ قُرَيْشِ الظَّوَاهِرِ، وَهُمْ يُدْعَوْنَ الْيَسَرَ، فَإِنْ دَهَمَهُمْ غَيْرُهُمُ اجْتَمَعُوا، فَصَارُوا يَدًا وَاحِدَةً، قَالَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوَيَةَ فِي تَفْضِيلِهِمْ:
إِنَّهَا بَيْنَ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ... حِينَ تُدْعَى وَبَيْنَ عَبْدِ مَنَافِ
وَلَهَا فِي الْمُطَيَّبِينَ جُدُودٌ ... ثُمَّ نَالَتْ ذَوَائِبَ الْأَحْلَافِ
يَسَرِيُّونَ فِي الذُّؤَابَةِ حَلُّوًا ... حَيْثُ حَلَّتْ ذَوَّائِبُ الْأَشْرَافِ
وَإِنَّمَا سُمُّوا يَسَرًا مِنْ أَيْسَارِ الْجَزُورِ، وَالْبُسْلُ: الْحَرَامُ، قَالَ الْأَعْشَى:
أَجَارَتْكُمْ بُسْلٌ عَلَيْنَا مُحَرَّمٌ ... وَجَارَتُنَا حِلٌ لَكُمْ وَحَلِيلُهَا
وَقَوْلُهُ «حَتَّى كَانَ هُوَ الَّذِي جَهَرَهَا» ، أَيْ: كَشَفَهَا وَاسْتَثَارَهَا، تَقُولُ: جَهَرْتُ الْمَاءَ إِذَا كَانَ سُدُمًا، فَاسْتَقَيْتُ مِنْهُ حَتَّى يَطِيبَ.