قال عليه الصلاة والسلام: (إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة) وهذا مانع من موانع الشهادة والشفاعة: أن المرء سباب لعان شتام مؤذٍ مجرم فليست له الشفاعة، بل ربما لا يحصل على شفاعة غيره من الشفعاء، من الملائكة والنبيين وصالح المؤمنين.
وهناك شفاعة لها تعلق بالدنيا، قال الله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء:85].
قال الحافظ ابن كثير: ((مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا)) أي: من يسعى في أمر فيترتب عليه خير كان له في هذا الخير نصيب، ومن يشفع شفاعة سيئة يكن عليه وزر من ذلك الأمر الذي ترتب على سعيه ونيته، كما ثبت في الصحيح: (اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء).
وعند البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري: (كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا جاءه السائل أو طلبت إليه حاجة قال: اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء).
وهناك أمور لا تحل الشفاعة فيها في الدنيا، منها الحدود إذا بلغت السلطان فإنه لا شفاعة فيها، بل ليس للسلطان أن يقيم الحد أو لا يقيمه؛ لأن الله تعالى أوجب عليه قيام الحد إذا بلغه؛ ولذلك ثبت عند البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها: (أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت.
قالوا: من يكلم فيها رسول الله؟ من يشفع فيها عند الرسول؟ قالوا: ومن يجترئ على ذلك إلا أسامة بن زيد، فهو حبه وابن حبه، فذهب أسامة ليشفع، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة؟! ثم قام فاختطب، ثم قال: إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)، فلا شفاعة في الحدود.
وعند أبي داود عن يحيى بن راشد قال: (خرجنا لـ عبد الله بن عمر فخرج إلينا، فقال: سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله وحاد الله، ومن خاصم في باطل وهو يعلم أنه باطل لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه، ومن قال في مؤمن ما ليس منه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال).
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من ابتغى القضاء وسأل فيه شفعاء وكل إلى نفسه، ومن أكره عليه أنزل الله تعالى عز وجل عليه ملكاً يسدده).
من طلب الشفاعة في القضاء بشفاعة الشفعاء أوكله الله عز وجل لنفسه، ومن حمل على هذه المنزلة سخر الله عز وجل له ملكاً يسدده ويثبته.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقني وإياكم شفاعة الملائكة والنبيين وصالح المؤمنين.
اللهم ارزقنا شفاعة نبيك محمد عليه الصلاة والسلام اللهم ارزقنا شفاعة نبيك محمد عليه الصلاة والسلام اللهم ارزقنا شفاعة نبيك محمد عليه الصلاة والسلام.
اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وكل ذلك عندنا.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم.