قال: إن عمر أمة الإسلام هو منذ بعثة محمد وإلى أن تقوم الساعة.
فلو قلت: إن سنة (1500هـ) هي لحظة قيام الساعة فهذا هو معنى كلام المصنف في صفحة (43): إن عمر أمة الإسلام هو منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وإلى أن تقوم الساعة.
ثم يضرب ضربة أخرى حتى لا تمسك عليه الضربة الأولى فيقول: أو بالتحديد إلى أن تأتي ريح لينة من قبل اليمن فتقبض نفس كل مؤمن، ويكون ذلك بعد موت عيسى بن مريم عليه السلام.
وهذه الريح اللينة من علامات الساعة الكبرى، وهي من علم الغيب، فتحديد الزمن من زمن البعثة إلى وقت هذه الريح اللينة التي تقبض كل عبد مؤمن بـ (1500) سنة هذا كلام في الغيب، وهذا لا يجوز.
ونقول له: هذه الريح اللينة هي أول العلامات أو وسطها أو آخرها؟ فلابد أنه سيقول: إنها ليست آخر العلامات؛ لأن هذه الريح اللينة لا تقبض جميع الخلق ثم تقوم الساعة بعد ذلك، وإنما تقبض روح كل عبد مؤمن فقط، ويبقى شرار الخلق وعليهم تقوم الساعة.
ثم كلمة (يبقى شرار الخلق)، كم يبقون؟ الله أعلم.
وهو قد اعتمد على حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: (المدة بين أن تطلع الشمس من مغربها وإلى قيام الساعة مائة وعشرون عاماً).
فنقول: هل هذه الأعوام كأعوامنا، وأيامها كأيامنا؟! وعلى افتراض أنها كذلك فهل صح هذا الخبر مرفوعاً؟
صلى الله عليه وسلم لا.
وقد رجح المؤلف هنا أنه من قول عبد الله بن عمرو؛ لأنه اطلع على نقد أهل الحديث لهذا الحديث، وأنه لم يصح مرفوعاً، فقال بوقفه على عبد الله بن عمرو بن العاص.
ونقول له: وعلى فرض صحته موقوفاً على عبد الله بن عمرو فإن أهل العلم يقولون: لا يجوز الاعتماد على خبر في الغيبيات -أي: في العقائد- موقوفاً إلا بشرط أن يكون الآخذ أو الراوي لهذا الحديث ليس من أحبار ورهبان أهل الكتاب ثم أسلم بعد ذلك؛ لأن غالب الظن أنه ينقل عن أهل الكتاب، وألا يكون ممن أخذ عن أهل الكتاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص معروف أنه كان يروي عن أهل الكتاب كـ كعب الأحبار ووهب بن منه وعبد الله بن عباس، وغيرهم، فالجميع كان يروي عن أهل الكتاب.
فلا يؤمن أن يكون عبد الله بن عمرو بن العاص أخذ هذا التحديد الزمني عن أهل الكتاب، فضلاً أنه لم يصح فيه خبر في كتاب الله ولا في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فيكون هذا الدليل الذي اعتمد عليه المؤلف دليلاً ساقطاً لا يجوز اعتباره والاحتجاج به في هذا المقام.