انعقاده، فإن انعقاده ليس الكمال المعروف المضاد للنقص، بمعنى أن أصل الإيمان موجود، ثم قد يتعرض لشيء من النقص، فلا يكون كاملًا، لا، إنما المقصود بكمال الإيمان هنا؛ أي انعقاد الإيمان؛ أي كمال انعقاده، لن يكون إلا بالإيمان بالله تعالى وبرسوله -صلى الله عليه وسل م-.

فانعقاد الإيمان لا يكون إلا بذلك، ومن هنا قلنا قبل، وها نحن نكرر أن الإيمان بالرسول -صلى الله عليه وسل م- جزء من إيماننا بالله تعالى، والذي يكذب الرسول -صلى الله عليه وسل م- هو في نفس الوقت يكذب الله تعالى؛ لأن الله تعالى هو الذي أرسله، ومن هنا وجبت طاعة الرسول بمقتضى هذا الإيمان في كل ما يبلغه عن ربه ما دمت قد آمنت بأنه رسول وصدقته واتبعته، فعليك أن تصدق كل ما أخبر به عن الله تعالى، ولا يجوز أبدًا لا في عقل، ولا في واقع، ولا في نقل أن يزعم أحد الإيمان ثم هو يكذب ببعض ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يقول الإمام الشافعي أيضًا في موطن آخر من مواطن رسالته: وكل ما سن -هو هنا تكلم عن رسول الله -صلى الله عليه وسل م- وكل ما سن يقصد النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل في اتباعه طاعته أي: طاعة الله -عز وجل- يعني اتباعنا للنبي -صلى الله عليه وسل م- هي طاعة لله -تعالى-.

"وجعل في اتباعه" الضمير في اتباعه يعود إلى النبي -صلى الله عليه وسل م- طاعته تعود على الله تعالى.

كلام الشافعي: "وكل ما سن أي النبي -صلى الله عليه وسل م- فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل في اتباعه طاعته، وفي العنود عن اتباعها أي المعاندة عن السنة معصيته أي: معصية الله -سبحانه وتعالى- التي لم يعذر بها خلقًا، ولم يجعل له من اتباع رسول الله -صلى الله عليه وسل م- أو سنن رسول الله -صلى الله عليه وسل م- مخرجًا".

يعني: لا عذر لأحد أبدًا في مجانبة السنة وفي معصية الله تعالى المترتبة على معصية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015