يصدروا في أي شأن من شئونهم إلا عن أمره -صلى الله عليه وسلم-، يعني: يردون مورده، ويشربون تشريعه، ولا يبتعدون عن ذلك قيد أنملة. {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} (النور: 63)، وفسر الفتنة بما شئت: ابتلاء، عذاب، هي كل ذلك من معانيها، خزي في الدنيا، وفي الآخرة، كل ذلك من معاني الفتنة، والعياذ بالله، وقد خصت بالكفر أيضًا. "تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" كل ذلك من جزء ينتظر الذين يخالفون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يصدرون عن أمره في كل شأن من شئون حياتهم.
إذا انتقلت إلى سورة محمد -صلى الله عليه وسلم-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (محمد: 33) {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ} (محمد: 32)، مشقاقتهم للرسول لن تضر الله تعالى ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم- شيئا، وإنما الخسارة ستعود عليهم، وسيحبط أعمالهم.
وأيضًا في سورة الفتح {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا} (الفتح: 17). وفي سورة المجادلة: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (المجادلة: 5)، كبتوا يعني: هزموا، باءوا بالخسران، وبالكبت، وبالضيق، أحاط بهم البلاء والوباء من كل جانب، وضربت عليهم الذلة، كما في الآية أيضًا في سورة المجادَلة أو المجادِلة: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ} (المجادلة: 20) هؤلاء من بين الأذلة الذين ألبسهم الله لباس الخزي والندامة، والمذلة والمهانة، والخسران في الدنيا وفي الآخرة.
هل بسرعة سريعة نتذكر الآن الجزاء للمخالفين من خلال الآيات التي ذكرت: كبت، ومذلة، وخزي، ونار خالدين فيها، وعذاب عظيم، وأكثر من ذلك: تصيبهم فتنة،