قالت: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ} لم يقل الله تعالى مثلًا، أو لم يكن التعبير القرآني: وما كان لذكر أو أنثى، ولم يكن التعبير القرآني: وما كان لرجل أو امرأة، وما كان التعبير القرآني: "وما كان لبشر"، وكل هذه أو واحدة منها كانت ممكنة في التعبير إذا أراد الله، لكن إيثار الكلام بوصف الإيمان؛ ليدل على أن القضية قضية إيمانية؛ لأن الآية ماذا تقول؟ الآية تنفي الاختيار، أو تسقط حق الاختيار عن المؤمن إذا كان هناك حكم لله تعالى، ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- في المسألة، حين يكون هناك حكم؛ فإن الإيمان يطلب أن تستجيب ولا تختار، لا يمكن أن يكون هناك اختيار، لماذا أسقط الله حق الاختيار هنا، وقد يقول قائل مثلًا: إن العقل يقتضي أن يترك لي الخيار في أن أختار بين الأحكام، وأن أختار ما أراه مناسبا؟ لا، هذا لا ينفع؛ لأن الاختيار من ناحية الواقع العملي يكون بين بدائل، يعني: على الأقل يوجد بديلان، فأختار بينهما، وقد يكون الاختيار بين أكثر من بديلين، مثلًا: هذه قطعة أرض، وعدة قطع، أختار هذه أو تلك لأشتريها.
مثلًا: هناك أنواع من السيارات، أي نوع أختار لكي أشتريها. عدة بنات معروضة للزواج مثلًا: أتزوج من؟ تستشير، وتستخير، وتطابق من الناحية الشرعية، ثم تختار ما يؤدي إليه اجتهادك من أن هذا أفضل الاختيارات.
هذا المعنى وهو مفهوم الاختيار وتطبيقه أن يكون بين بديلين أو أكثر، هل يصلح أن يطبق بهذا المفهوم بين حكم الله -تبارك وتعالى- وحكم غيره؟ هل يجوز أن تعقد مقارنة أو أن يرد على قلب مؤمن أو عقله أن يقارن بين حكم الله تعالى، وحكم النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين حكم غيرهما؛ لكي يختار في النهاية ما يراه مناسبا؟ ما هي معايير الاختيار التي سيختار على أساسها؟ أعوذ بالله، القضية من أساسها مرفوضة؛ لأنه عند وجود حكم الله -تبارك وتعالى-، وحكم رسول -صلى الله عليه وسلم- فهذا