{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} هو من أنفسكم منا، {عزيز عليه} أي عنت أو مشقة نتعرض لها، حريص علينا، وعلى نجاتنا، وعلى فلاحنا، وعلى فوزنا، وعلى أن نفوز بالجنة، وأن ننجو من النار، حريص عليكم وقلبه -صلى الله عليه وسلم- يمتلئ بالرحمة، والرأفة على الفئة المؤمنة، بل هو رحمة للعالمين جميعًا، كما ورد في سورة الأنبياء، والآيات يكمل بعضها بعضًا.

إذا كان هذا شأن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ودوره معنا أنه حريص علينا، رؤوف رحيم بنا، عزيز عليه ما يصيبنا من مشقة، ماذا يستحقه منا، أو ما علاقتنا به؟ هي أن نتبعه، جاء لهدايتنا، حريص علينا، إذا من متطلبات ذلك أن نستجيب له في كل ما يأمر بها، وأن نبتعد عن كل ما ينهى عنه {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (التوبة: 128 - 129).

في سورة يونس: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ} (يونس: 108) مادام قد جاءنا بالحق فعلينا أن نتبعه، لكن قد يقول البعض: إن هذا الحق هو القرآن الكريم، فأنا لا أريد أن أفتح باب الجدًّال الذي لا يفضي إلى خير، وإنما يضيع الوقت في غير منفعة، فآتي بالآيات الصريحة أو القاطعة الدلالة على السنة، ولا يجادل فيها أحد إلا إذا كان يريد أن يجادل بالباطل، والعياذ بالله تعالى، يعني: لم أقف مثلًا مع سورة يونس {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} (يونس: 108) ... الخ، وإنما كما قلت: سأتوقف مع الآيات الواضحة الدلالة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015