يقول: ((أن يعبد الله ويكفر بما سواه))، لا نعبد الله فقط، بل لابد أن نكفر بما سواه، فهؤلاء قالوا، والقرآن الكريم سماه زعما؛ لأن الزعم مطية الكذب، وإن كان يستعمل في الصدق كما يقون سيبويه، لكن هذا السياق في القرآن نسير معه {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} (النساء: 60)، تحاكمهم إلى الطاغوت معارض لقولهم: آمنا بك وبما أنزل إليك، بل العلاقة الصحيحة بالطاغوت هو الكفر به، وننظر إلى الآية {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} (النساء: 60).

نحن بمقتضى إيماننا، وبمقتضى حرصنا على هداية الخلق جميعا سنفترض فيمن يقول ذلك أو يفعل هذا يزعم الإيمان، ثم يحتكم إلى غير منهج الله تعالى، ومنهج النبي -صلى الله عليه وسلم- سنقول: إنه يفعل ذلك عن جهل ليس عن قصد، فستكون المهمة الأولى أن نعلمه قبل أن نحكم عليه بإيمان أو كفر؛ ولذلك انظر إلى القرآن الكريم وعظمته في التربية: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ} (النساء: 61) يعني: افترضنا فيهم أنه قد غابت عنهم هذا الحقيقة الإيمانية، وإن الأمرين متعارضان، وهما قضية أن تقول: نؤمن بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وبما أنزل إليه، ثم تحتكم إلى الطاغوت هذا لا يجوز إيمانا ولا عقيدة.

لكن سنفترض أنهم لا يعلمون ذلك سنعلمهم على لسان من قال الله تعالى عنهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} سواء كان العلماء، أو الأمراء أو ما شاكل ذلك {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ} بماذا سماهم الله تعالى؟ {رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} (النساء: 61)، سماهم منافقين رغم زعمهم كما ذكر القرآن الكريم أنهم أمنوا بما أنزل إليك، وما أنزل من قبل، هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015