أنا هنا أستعرض مصادره التي بنى عليها، يعني: استعرضت أسسه التي يبني عليها كتابه، وفكرته الأصيلة التي يدندن حولها، ويحوم حولها، وهي أنه يريد أن يهدم السنة وأن يضيعها. ويعتمد في ذلك على المصادر التي تشترك معه في الغرض وفي الهدف، من كتب المستشرقين، ومن كتب الشيعة، ومن كتب المحدثين الذين تجرأت على السنة، ومن الشيخ أبي رية وغيره، ويردد نفس الشبهات والفريات التي اجتمعوا حولها جميعًا، من اتهام الحكام بدفع العلماء للوضع، بأن العلماء تمالئوا مع الحكام، مع أن هذه كلها أحاديث أجمعت الأمة على أنها موضوعة.
يعني: روى البزار عن أبي هريرة أن رسول -صلى الله عليه وسلم- قال للعباس: "فيكم النبوة والمملكة"، وأخرجه كذلك أبو نُعيم في (الدلائل)، وابن عدي في (الكامل)، وابن عساكر: "فيكم النبوة وفيكم المملكة"، إلى آخره. هو هنا لا يذكر لا كتابًا ولا بابًا، يعني: إذا أردت أن تحاسبه فابحث، هذا الكلام حقيقة أو غير حقيقة، الله أعلم.
لكن على فرض حقيقته، مَن الذي قال: إن العلماء قبلوا هذه الأحاديث، وعملوا بمقتضاها؟
هي أحاديث موضوعة بإجماع الأمة، كيف تحاكم الأمة على أحاديث هي لم تقبلها، وعاقبتْ الوضَّاعين وفضحتهم، وألفت كتبًا حددتهم؛ ليكون الخزي لاحقًا بهم إلى يوم القيامة، وفي نفس الوقت جمعت هذه الأحاديث الموضوعة في كتب وبينت وَضْعها، وبينت الأسباب التي دعت إلى وضعها، وأن هناك مَن أراد أن يفتري على الله وعلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يقبل الحكام ذلك، ولم يقبل العلماء ذلك، ولن تجد عالمًا أبدًا ذا شأن -ولو قليلًا- وضع حديثًا أبدًا، الوضاعون هؤلاء قوم كذابون، ليس من بينهم واحد من أهل العلم المحترمين أبدًا. إلخ.