بأس كأن تكون الأولى قد ماتت، أو طلقت مثلًا، فلا بأس من أن يتزوج أختها؛ لأنه لا جمع بينهما في هذه الحالة، أما أن يكون زوجين له في وقت واحد، فهذا مخالف للقرآن الكريم، وكذلك نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، عن أن تنكح المرأة على عمتها، أو خالتها يعني: لا يجوز للمسلم أن يجمع بين المرأة، وبين عمتها أو خالتها تحته في وقت واحد، لا بأس أيضًا بأن يتزوج الواحدة بعد الأخرى، لكن الجمع هو المحرم.
وأيضًا نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يقتل مسلم بكافر))، هذا يعني رغم من أنه من تخصيص العام ضربناه؛ لأنه ((لا يقتل مسلم بكافر)) هذا حكم جديد وردت به السنة المطهرة، وحتى الأحكام التي ضربنها، كأمثلة لتخصيص العام هي أيضًا في جانب منها تشريع جديد، لم يسبق له ذكر في القرآن الكريم، يعني مثلًا: ((نحن معاشر الأنبياء لا نورث))، هذا لم يرد في القرآن الكريم، لم يرد أن الأنبياء لا يورثون، صحيح أنه في وجه من وجوهه، أو في جانب من جوانبه، يمثل شاهدًا على تخصيص السنة للعام في القرآن، وهو في نفس الوقت مثال للتشريع الذي جاءت به السنة، ولم يسبق له ذكر في القرآن الكريم.
إن الأحكام التي انفردت بها السنة المطهرة كثيرة جدًّا، وكلها تعطي الدليل الأكيد على أن السنة لها صلاحية تأسيس الأحكام على سبيل الاستقلال، فهي في التشريع مثل القرآن الكريم تمامًا، وفي وجوب العمل بما شرعته أيضًا مثل القرآن الكريم تمامًا، فالذي شرعته السنة نعمل به، كما نعمل بما ورد في القرآن الكريم، وعلى هذا انعقد إجماع أهل العلم من أهل السنة والجماعة قديمًا وحديثًا، والذي يقبل عن رسول الله، فإنما يقبل أيضًا عن الله تعالى؛ لأن الله تعالى هو الذي أوجب طاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
وصلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.