الحديث؛ لنبين أن من بين الرد على شبهاتهم أن أبا هريرة لم ينفرد بروايته، إذا كنت ستشكك في أبي هريرة -ولن نقبل- لكن هب أنك ستجترئ عليه، فماذا تقول في رواية أبي سعيد ورواية علي بن أبي طالب ورواية أنس بن مالك؟ وكل ذلك قد جمع طرقه العلامة شيخ ملا خاطر أحيل عليه حتى لا أطيل، لكنها كلها طرق صحيحة تؤكد صحة الحديث، ولو لم يرد إلا في البخاري لحسبنا هذا.

لكن هذا يفيد في قضية أخرى، أجمعت الأمة على تلقيه بالقبول وملأ دواوينها، كنا في انتظار أحد حتى هذا العصر حتى يأتي ليبين لنا أن هذا الحديث لا تقبله قواعد الشرع، ولا تقبله القواعد الطبية ولا ما يقولون! هذا كيف مر على عقول الأمة وقلوبها، وقبلته وساغته وروته، وحفظته وعملت به، ثم بعد ذلك يأتي من يدحض ذلك كله؟!

على كل حال، يقول الشيخ ملا خاطر في ختام كلامه عن دراسته لطرقه وأسانيده وأنه في أعلى درجات الصحة: ومن الغريب جدًّا أن هذا الحديث بعينه -وهو حديث الذبابة- لم يكن مما قد استدركه أحد من أئمة الحديث على الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بل هو عندهم جميعًا مما جاء على شرطه، وفي أعلى درجات الصحة، ولم يتكلم فيه إلا من لا خَلاق له في العصور المتأخرة، كما قال الإمام الخطابي -رحمه الله تعالى- تكلم عن هذا الحديث من لا خلاق له.

إذن، هذا الحديث الصحيح، أجمع العلماء على تلقيه بالقبول، العلماء الذين انتقدوا بعض الأحاديث في الصحيحين، لم يجعلوا هذا الحديث من بين الأحاديث التي انتقدوها، لا من ناحية الإسناد ولا من ناحية المتن.

لكن دعنا نفرغ الآن من تأكيد هذه الحقيقة، وهو أن الحديث صحيح إسنادًا ومتنًا، وأنه في أعلى درجات الصحة، بل نقول: إن أمتنا كلها قد تلقت هذا الحديث بالقبول، وأجمعت على أنه صحيح بنسبة مائة بالمائة أو كما يقال في لغتنا المعاصرة كتأكيد: مليون في المائة، لا يخالف الواقع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015