خلال النصوص الكثيرة أن الصلاة في أول وقتها هي من أفضل الأعمال على الإطلاق؛ فلذلك فهموا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يريد منهم أن يسرعوا بالذهاب إلى ديار بني قريظة، لكن لا يريد منهم أن يخرجوا الوقت عن وقته الأصلي، هناك فريق أصرَّ على أن يعمل النص على ظاهره ولم يصلِّ إلا في ديار بني قريظة، وكتدريب للأمة على الاجتهاد في فهم النصوص، قابل النبي -صلى الله عليه وسلم- الفهمين معًا، ولم يعِب على أحد منهما، هذا مجرد مثال.

المشكلة والله جاءت من أنهم حاولوا أن يُدخلوا العقل فيما ليس من ميدان عمله، وهذه قضية خطيرة، كانت من بين القضايا الهامة التي عالجها ما يسمونهم الفلاسفة الإسلاميون وغيرهم، حدود العلاقة بين العقل وبين النص.

النص -كما قلت- يوثق مِن خلال الطرق المعروفة في توثيقه، ومن بينها العقل، لكن أي عقل ينظر في النص؟ هذه هي المشكلة! عقلٌ تربَّى على مائدة المستشرقين وتأثر بأفكارهم، بل لم يقرأ لغيرهم، هذا نريده أن يتحكم في النصوص وفي فهمها ويقول: هذا حديث صحيح، وهذا حديث كذا؟! عقل تلقى تعليمه في شرق أو في غرب، كل ذلك لا يجوز إنما العقول التي تنظر في النصوص هي العقول المحكومة بكتاب الله وبسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتبحث عن الحق، وتسعى إليه.

إذن، حديث الذباب حديثٌ أنموذج لما زعموا أنه يخالف العقل، وزعموا أنه يخالف القواعد الطبية، والحديث رواه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب الطب، باب إذا وقع الذباب في الإناء، وأخرجه في كتاب الخلق، باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم، وله طرق كثيرة، الحديث في (صحيح البخاري) -رحمه الله تعالى- بسنده إلى أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: ((إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله، ثم ليطرحه؛ فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء))

طور بواسطة نورين ميديا © 2015