الله ثبّت ملكه، ودولته كانت دولة إسلام، بل إن الحقائق التاريخية تقول: إن معاوية لم يدعُ لنفسه أبدًا بالخلافة في زمن علي -رضي الله عنه- ولم يكن الخلاف بينهم قائمًا على الخلافة، فما نازع أحد عليًّا الخلافة أبدًا لا معاوية ولا غيره، إنما كان الخلاف بينهم على قتلة عثمان، وأقول: هذا أمر تاريخي، فحين انتهى الأمر إلى معاوية كان بإجماع الأمة، لم يكن محتاجًا أبدًا إلى حديث يؤيده ويعضّد ملكه، انتقل الأمر إليه بتنازل الحسن -رضي الله عنه- وبموافقة الأمة كلها على ذلك، وبمبايعته له؛ ولذلك اصطلحت الأمة على تسمية هذا العام بعام الجماعة، فلا الواقع التاريخي ولا الظرف الزمني أتى فيه سيدنا معاوية كان محتاجًا إلى أن يوضع له حديث يعضد ملكه أو يثبت دعائم حكمه، كما يزعم الزاعمون إلخ.
أيضًا المستشرقون يقولون "جولدتستير ومن شايعه": لقد وضعوا أحاديث تؤيد الحكام مثل: ((مَن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني)) وأنا لا أدري ماذا في هذا الحديث من الممالأة لحكام المسلمين، وحين يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اسمعوا وأطيعوا، وإن تأمر عليكم عبد حبشي)) وكل هذه أحاديث صحيحة في مصادرنا الصحيحة، وغير ذلك من الأحاديث، ونهى عن الخروج على ولي الأمر: ((إلا أن تروا منه كفر بواحًا عندكم فيه من الله برهان)) ماذا في هذه النصوص من ممالئة للحكام؟ إنه قيام بحق ولي الأمر وحفظ للجماعة من الاختلاف، محافظة على وحدة الأمة، محافظة للوقاية من الفتن، من التفكك.
إن الأمم غير المسلمة تضع في دساتيرها ما يحافظ على وحدة الأمة، ووحدة الأمة -كما يقال في زماننا هذا- أمنٌ قومي، غير مسموح لأحد أن يعبث به، كل الأمم تضع نصوصًا في دساتيرها تحافظ على وحدتها، وكما ذكرت: غير مسموح لأحد أبدًا أن يعبث بهذه الوحدة، وأن يعرض أمن الأمة للخطر، فهذه