أمور كثيرة جدًّا تستحدث في حياة الناس، ماذا يحدث من أهل العلم؟ هل يضعون لها أحاديث لكي تتواءم مع الشرع؟ أم يجتهدون في محاولة إدخالها تحت النصوص الشرعية القائمة الثابتة التي أجمعت عليها الأمة من القرآن الكريم ومن السنة المطهرة؟
هذا مثال واضح جدًّا حين يقولون مثلًا: مَن يجيز تعامل البنوك؟ يقول: الأدلة كذا وكذا، من يحرّمها؟ الأدلة كذا وكذا، والاختلاف في فهم النصوص أمرٌ وارد؛ لأن هذا ما هو تعبدنا الله تعالى به؛ أن نجتهد في فهم النصوص، ليس مع النص، هناك فَرْق في الاجتهاد في النص والاجتهاد مع النص، الاجتهاد مع النص أن يقول النص كلامًا ويقول المجتهد كلامًا آخر: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (النساء: 11) يقول: نساوي بين المرأة والرجل، لا، أما أن نفهم الحكمة ومن وراء النص أو أن نفهم النص مثلًا: ملامسة النساء ناقضة للوضوء: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (النساء: 43) ما المراد بالملامسة؟ هذا هو الاجتهاد في النص.
إذن، لا أحد يقول: إن الملامسة غير ناقضة؛ لأن الملامسة ونقضها للوضوء ثابتان بالقرآن الكريم، لكن ما المراد بالملامسة؟ هذا اجتهاد في فهم النص، قد يصيب صاحبه وقد يخطئ وهو في كلتا الحالتين مأجور، لكنه ليس اجتهادًا مع النص، إذًا الذي صنعه العلماء قديمًا وحديثًا: أنهم لم يضعوا أحاديث؛ لتناسب وتتواكب مع التطور الذي حدث في حياة المسلمين، وإنما يجتهدون في فهم النصوص التي بين أيديهم، ومحاولة تطبيقها على واقع المسلمين.
إذن، هذه فِرية، وكلنا نعلم أن أي حديث يُروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن الشرط الأول من شروط صحته: أن يكون الإسناد متصلًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما معنى الإسناد المتصل؟ يعني: أن يكون كل راو قد تلقى الحديث من شيخه الذي فوقه مباشرة