ر عصره، مثلًا واحد يقول: الخلفاء الراشدون لم يكن حكمهم ديمقراطيًّا؛ لأنه لم يكن عندهم مثلًا مجلس نيابي، هذه سفاهة، يقيسون الديمقراطية بمقاييسهم هم، وأن الخلفاء الراشدون ليسوا ديمقراطيين؛ لأنه لم يكن عندهم مجلس نيابي! ما هذا السفه؟! لا يمكن محاكمة عصر على مناهج عصر آخر، أو محاكمة مجتمع على قيم ومبادئ مجتمع آخر، أو على أشخاص وسلوكهم أو فهمهم ... إلى آخره.
هذا من الخلل في المناهج العلمية، والذين يزعمون أنهم يتبعون المناهج العلمية في الدراسة هم يخالفونها، فإذن أنت حين تحاكمني تحاكمني إلى قيمي ومبادئي، أضرب أمثلة من أجل أن أوضح خلل المنهج الذي احتكموا إليه: النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج بنتًا صغيرة، هذه جريمة كبيرة!! مَن الذي قال؟ هل المجتمع كان يرفضها؟ هل انفرد النبي -صلى الله عليه وسلم- بها؟ لذلك لم نجد واحدًا من المشركين العتاة في عدائهم للإسلام عابوا النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وهم كانوا في خندق العداء للإسلام، لماذا؟ لأن الأمر كان مألوفًا عندهم.
أما أنت تأتي بعد أربعة عشر قرنًا وتحاكم الإسلام ونبي الإسلام وأخلاق الإسلام على قيمك أنت -على فسادها- وتزعم أن هذا هو الحق، ثم تثير الشبه وتخطئ في حق الآخرين، وتدعي أنك تتبع المناهج العلمية الرصينة، أي منهج علمي رصين وأي خداع فيها؟! الأمور واضحة، الخلفاء الراشدون كانت الرعية تخاطبهم على المنابر وهم على المنابر بكل ما يريدون، أعظم من الديمقراطية التي يزعمونها بكثير بكثير بكثير، وعندنا عشرات الأمثلة على هذا، لم يبرم أحدهم أمرًا بدون شورى، هذا لا ندخل فيه، إنما هذا مجرد أمثلة أضربها؛ لبيان خلل المنهج الذي اعتمدوا عليه في النقطة التي أتكلم فيها، وهو أنهم يدرسون الإسلام ويحللونه بعقليتهم الأوربية وبأخلاقهم، وبعرفهم الاجتماعي، ويحكمون على الإسلام من خلاله، وأبين أن هذا خلل علمي.