يُدافع عن منهجه الذي اختاره، فكان مما قال: أنا لم أعتمد على السنة؛ لأن السنة في مصادرها حولها كلام، وتأخر تدوينها.
تلك الطنطنة التي يتشدقون بها في كل وقت وحين، وهي مردود عليها من أساسها، ولكي يؤكد هذا قال: نحن نعلم أن (صحيح مسلم) هو ثاني المصادر الإسلامية بعد (صحيح البخاري)، الإمام النووي في مقدمة شرحه لـ (صحيح مسلم) يقدم مجموعة من الفصول، من ضمنها أنه يرد على مَن ادّعوا أن مسلمًا روى عن بعض الضعفاء، يبين وجه الرواية هذه، فماذا قال النووي -رحمه الله-؟ وضع عنوانًا قال فيه: عاب عائبون مسلمًا لروايته عن الضعفاء.
هذا العنوان وضعه النووي لكي يرد عليه والجواب شرع في الجواب، فماذا فعل هذا العالم الذي يقولون: إنهم يتحلون بالمنهج العلمي وبالحياد إلى آخره، جاء بهذه الكلمة مبتورة من سياقها، وكأن النووي -رحمه الله- يقر بأن هذا من العيوب التي وجهت لمسلم، يعني: هو جاء بها كإقرار من النووي -رحمه الله- بأنه مع هذا العيب الذي وجهه العائبون لـ (صحيح مسلم) أنه روى عن الضعفاء، ها هو النووي يعترف بأن مسلمًا فيه رواية عن الضعفاء، مع أن النووي قد أتى بالكلمة؛ ليرد على هذه الفِرية من أساسها.
إذن، هم أقبلوا على دراسة النصوص بفكرة مسبّقة، هم قدّموا الإسلام من وجهة نظرهم، هم أوّلوا النصوص؛ بالنسبة للنصوص فعلوا فيها الأفاعيل، تخيروا النص الذي يخدم فكرهم، أولوه إن عاكسهم على غير وجهه، صرفوه عن غيره وجهه، على الوجه الذي يرضي أفهامهم، بتروه من سياقه -كما قلت- حرّفوا في بعض كلمه، كما سنثبت بالأدلة، هذه كلها مواقف من منهجهم العلمي، الذي يزعمون أنهم اتبعوا المناهج العلمية الدقيقة في دراسة الإسلام.