كل هَم المسلمين أن يثبتوا أنهم غير متهمين، ونفي هذه التهمة هم نجحوا فيه، أنت إرهابي؛ لكي تثبت أنك لست إرهابيًّا اترك الجهاد. أنت لا تظلم المرأة، إذن شرّع قوانينَ تخالف شرع الله بالمساواة في الميراث وبالسماح بالتبرج، وما إلى ذلك، هذا الإصرار على الاتهام جعلنا في موقع المدافع دائمًا الذي لا يملك المبادرة، والأخطر من كل هذا أنه جعلنا لكي ننفي التهمة ونثبِت أن هذا الكلام غير صحيح، تجدنا في النهاية نترك بعض أمور ديننا، وفي النهاية هم لا يرضون بعد كل ذلك: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (البقرة: 120).
إذن، أول خصيصة منهم أنهم أقبلوا على دراسة الإسلام بفكرة مسبقة، خلاصتها أن الإسلام متهم في كل جوانبه، وعليه أن يثبت العكس، واقتربوا من الإسلام لكي يؤكدوا هذا الفهم، وليس لكي يبحثوا عن الحقيقة؛ ولذلك أنا أقول: هم يقدمون نظرية غربية نحو الإسلام، وليس دراسة علمية، هم -كما قلت- حكموا على الإسلام أولًا، ثم راحوا يؤكدون هذا الحكم من خلال دراستهم، وهذا خلل في المنهج العلمي خطير، المفروض أنني أعرض رأيك كما هو من خلال مصادرك أو من أقوالك، ثم إذا بان لي أن هذا الرأي يحتاج إلى نقد أو إلى تصحيح أبيّن بالأدلة.
انظروا إلى الفرق، هذه من القواعد المقررة عند علمائنا؛ أنك إذا نقلت عن عالم خطأ فقد ظلمتَه، ومن الممكن أن تحاسَب على ذلك، ينبغي أن تنقل عن العالم بدقة رأيه وفهمه، إذا لم تفهمه لا تتعرض له، أما إذا فهمته وتحاول أن تشوّش عليه؛ فهذا ظلم بيّن، يبدأ الأمر من النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار))، ويستمر الأمر في تحريم الكذب على كل الخلق، بأي صورة من الصور، ومن أبشع صور الكذب أن تنقل رأيه خطأً وأنت تعلم أنك مخطئ في نقل أو في تصوير هذا الرأي، إنما تفعل ذلك لكي تخدم أغراضك، فهم يُقبلون