بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس السادس عشر
الرد على دعوى اهتمام المحدثين بنقد السند دون المتن
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأحبابه وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ ثم أما بعد:
فالرّد على دعوى اهتمام المحدثين -رحمهم الله تعالى- بنقد سند الحديث دون المتن، وأنهم لم يوجهوا عنايتهم لدراسة المتن كما وجهوها لدراسة الإسناد.
النّقْدُ في اللُّغَةِ: هو تَمييزُ الجَيِّدِ من الرديء من النقود، وكلمة النّقد أو النّقدين تَدُلّ على ما كان يتعامل به الناس فيما بينهم في البيع والشراء من نقود وتبادل السلع والأسعار فيما بينهم.
الناقدُ للنّقود يُميز الأصلي منها من المزيف، يُميز الأصيلَ من الدخيل، انتقل التوسع اللغوي إلى كل مَن يميز بين أمرين؛ فمثلًا الجواهرجي نَذْهَب إليه بالذهب لينقده لنا، ما معنى يَنْقُد؟ ليُبَيّن لنا الزيف من الأصل، المزور من الأصلي الصّحيح، يقول: هذا ذهب حقيقي، وهذا ذهب مزيف ليس أصليًّا، ثم انتقل المعنى ليشمل كل تمييز للصحيح من الرديء في أي أمر، أو في أي عمل وفي أي ميدان.
ولذلك انتقل الأمر إلى المُحدثين فعَملية النّقد بالنِّسبة للسند أو بالنسبة للمتن إنما تُوضح السند الصحيح من السند غير الصحيح، أو المتن الصحيح من المتن غير الصحيح، إذن النقد هو تمييزُ الجَيّدِ من الرديء من كل شيء هو أصله اللُّغوي، كان في النقود ثم توسعوا فيه شيئًا فشيئًا تمييز الجيد من الرديء من الإبل، تمييز الجيد من الرديء من التمر، تمييز الجيد من الرديء من كذا، حتى وصلوا إلى الأحاديث ليتميز الصحيح من الضعيف منها، ولذلك هذا المعنى اللغوي في الأصل.