رسول الله من الوحي الرؤية الصادقة -أو الصالحة- فكان لا يرى رؤيًا إلا جاءت مثل فلق الصبح)) إلى آخر الحديث، وهو في الصحيحين وفي غيرهما، ويكاد يجمع الرواة على لفظه.

إذن، الإتيان بالأحاديث بألفاظها لم يقتصر فقط على الأحاديث القصيرة التي يسهل حفظها أو استيعابها، ومنها العشرات بل المئات، وإنما أيضًا وجد اتحاد الألفاظ أو مع تفاوت يسير جدًّا لا يخل برأس القضية من أنها رويت باللفظ ولم ترو بالمعنى في أحاديث طويلة كثيرة جدًّا، والذي يراجع أحاديث الشفاعة وصفة الجنة والنار وما إلى ذلك يجد الأمثلة التطبيقية على هذا كثيرة.

أيضًا مما يثيرونه من شبه: أن الرواية بالمعنى تتعارض مع الحث على الأداء باللفظ، كما في الحديث الذي أشرنا إليه من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((نضر الله امرأً سمع منا حديثًا فأداها كما سمعها ... )) إلى آخر الحديث، الرد نحن ذكرناه أثناء تعرضنا لهذه المسألة، ونحن نتكلم عن الأمور المتعددة المتعلقة بالرواية، لكننا نشير إليه على كل حال، نقول: لا ننسى ما ذكرناه من أمور هامة تتعلق بهذه القضية مثل أن أهل العلم جميعًا متفقون على أن الأصل في الرواية إنما هو الرواية باللفظ، حتى الذين أجازوا الرواية بالمعنى بشروط مع هذا الرأي، ونستطيع أن نقول: لا يسع عالم أن يتمكن من أداء الحديث بلفظه، ثم ينتقل إلى الرواية بمعناه، لا يقبلون منه ذلك. هذه نقطة ترد على هذه الفرية.

أيضًا مما يرد عليها: أنهم قالوا: إن الرواية بالمعنى رخصة وليست عزيمة، كما في العبادات بشكل عام، الرخص يلجأ إليها عند الضرورة، فمثلًا المسافر يجوز له أن يقصر الظهر والعصر مثلًا، وأن يجمع بينهما، على تعدد في آراء المذاهب في ذلك، فهل يجوز لغير المسافر أن يفعل ذلك؟ لا، مثلًا المسافر يفطر في رمضان إذا أراد، لكن المقيم بدون عذر لا يفطر، وهكذا. إذًا هذه رخصة تستعمل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015