أنها تنطبق على الجماعة فقط، ويستدلون على انطباقها على الواحد بقول الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} (الحجرات: 9) بإجماع الأمة ـ وأرجو أن ننتبه إلى ذلك ـ هذا الحكم ينطبق على المتقاتلين حتى لو كانوا واحدًا أمام واحد علينا أن نسعى للصلح بينهما {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} (الحجرات: 9) إذن من الممكن أن يكون المتقاتلان رجلين واحد في كل ناحية، ومن الممكن أن يكون أكثر من واحد، لكن لم يبلغوا الجماعة، فالحكم ينطبق عليه مما يدل على أن الطائفة تطلق على الواحد وعلى الاثنين وعلى الجماعة، فحين يقول الله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} (التوبة: 122) علينا أن نسمع لهم ونطيع يرجعون إلى قومهم بعد أن يتعلموا، وبعد أن تفقهوا في الدين؛ لينذروا قومهم وليعلموهم أمور دينهم، وعلينا أن نسمع لهم وأن نطيع وهم واحد أو أكثر في إطار خبر الآحاد.
أيضًا الله ـ تبارك وتعالى ـ يقول في سورة الحجرات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (الحجرات: 6) يطلب منا التوقف والتثبت في قبول خبر الفسخ، فسبب التوقف في قبول خبره أنه فاسق، وليس لأنه واحد، والمفهوم من نص الآية أنه لو كان عدلا لقبلنا خبره يعني: لم يقل الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم واحد بنبأ فتبينوا" إنما قال: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ}، فعلة التوقف في خبره هي: فسقه، أما أنه واحد عدل هذا مفهوم الآية، فيقبل خبره.
هذه أدلة من القرآن الكريم بعض الأدلة على أن القرآن والسنة، وعمل النبي -صلى الله عليه وسلم- وعمل الصحابة، وإجماع الأمة كلها تدل على حجية خبر الواحد، ووجوب العمل به بصرف النظر عما ناقشناه من قضية هل يفيد الظن أو يفيد القطع؟ هذه قضية تتعلق بالثبوت ولا تتعلق بوجوب العمل.