وإلى سرعة تلبيتهم، وهم يصلون في مسجد بني حارثة مر عليهم صحابي قال: أشهد أني صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العصر فصلى نحو الكعبة، الصحابة وهم في الصلاة استداروا 180 درجة -كما يقول أهل الهندسة- من ناحية الشمال بيت المقدس بالنسبة للمدينة المنورة في الشمال، والكعبة المشرفة في الجنوب، والمدينة تقع بين الاثنين هم كانوا يتجهون نحو الشمال إلى بيت المقدس، لم يترددوا كان من الممكن ننتظر حتى نفرغ من الصلاة، ثم نسأل ما الخبر، وأيضا في هذه الحالة كانوا سيكونون قد عملوا بخبر الواحد، لكنهم ـ ننظر إلى سرعة التلبية ـ أتاهم صحابي مر عليهم حتى كأنهم لم يتبينوا من هو؛ لأنهم مشغولون بصلاتهم، يخبرهم يشهد على نفسه أنه قد صلى العصر مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في مسجده فصلى في مسجده أو في ديار بني سلمة؛ لأن تحويل القبلة مختلف فيه هل تم في صلاة الظهر أو في صلاة العصر، هو كان يقينا في ديار بني سلمة، فإن كان في الظهر، فالرجل الذي شهد بعد أن عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المسجد النبوي وصلى العصر.
أيًا ما كان الأمر تكرر مرتين: في مسجد بني حارثة تحولوا وهم في الصلاة، وعند الفجر لما وصل الخبر إلى قباء في الفجر نفس القضية.
وهذا في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما: ((يصلون الفجر أو الغداة في قباء فأتاهم آت فأخبرهم أنه قد أنزل الليلة - أي الليلة الماضية - على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرآن يأمر بتحويل القبلة للكعبة كأنه يشير إلى آيات البقرة {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} (البقرة: 144) إلى آخره فتحول الصحابة أيضًا وهم في الصلاة)) 180 مرة ثانية إذن سرعة تلبية، قبول لخبر الواحد في الأحكام وفي العبادات، والمعاملات بدون تردد لم ينتظروا حتى يتثبتوا ويقولوا من الذي جاء بالخبر إلى آخره.