لأنه يؤدى عنه حلال وحرام يجتنب، حلال يفعل وحرام يجتنب، وحد يقام، ومال يؤخذ ويعطى، ونصيحة في دين ودنيا، وعقيدة وعبادة إلى آخره، يؤدي كل ما يتلقاه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمجرد أن أدى من سمع فقد أصبح حجة على من تلقى، ووجب عليه العمل بما تلقى، وهذا الذي تلقاه إنما هو خبر واحد، ودل الحديث أيضًا على أنه ـ هذا كلام الشافعي، لكنه فائدة إضافية بالإضافة إلى دلالتها على حجية خبر الواحد ـ يعني واحد النبي -صلى الله عليه وسلم- كلف واحدا هو ليس واحد بذاته إنما كلمة: امرؤ التي قال: ((نضر الله امرأ)) تنطبق على الواحد إذن هذا الواحد سيحمل الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وسيؤديه إلى غيره، وهذا الغير بصرف النظر عن كونه واحدًا أو أكثر، أصبح ما أدي إليه من حديث حجة عليه إن كان في العقائد عليه أن يعمل به إن كان في العبادات عليه أن يعمل به، ولا يملك أن يتوقف ما دام قد وصل إليه النقل بطريق صحيح.
ودل الحديث على أنه قد يحمل الفقه غير فقيه يكون له حافظًا لكنه لا يكون فيه فقيها، وأيضا في الحديث أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلزوم جماعة المسلمين مما يحتج به في أن إجماع المسلمين ـ إن شاء الله لازم ـ هذا هو الدليل الأول وتعليق الإمام الشافعي عليه أو وتوضيحه له وشرحه له، النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر امرأً يقول يؤده عنا يبقى عليه أن يؤدي، وحين يؤدي إلى غيره هذا الغير أصبح ملزمًا بما أدي إليه من نصوص الأحاديث سواء دلت على عقيدة، أو على عبادات، أو على أحكام، أو على أي جانب من جوانب التشريعات الإلهية.
ينتقل الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- إلى دليل آخر يقول: أخبرنا سفيان قال أخبرني سالم أبو النضر أنه سمع عبيد الله بن رافع يخبر عن أبيه، قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما نهيت عنه أو أمرت به، فيقول: لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه))، هذا حديث ورد بصيغ متعددة ورواه أيضا أبو داود في كتاب السنة: باب في لزوم السنة، وأيضا رواه