هذه الآيات ماذا استفدنا منها؟ تبين أن الله تعالى قد أوجب الصلاة على المؤمنين، لكن لم يبين لنا أوقاتها، ولم يبين لنا الفرائض الواجبة علينا في كل يوم، ولم يبين عدد ركعات كل فرض، وأركان الصلاة، شروط الصلاة، سنن الصلاة غير ذلك مما يتعلق بالصلاة، جاءت السنة الشريفة، وفصلت ذلك المجمل، وعلمت الناس الصلاة، وعلمتهم كل ما يتعلق بتفصيلاتها، ولولا السنة لما عرفنا كيف نصلي، ونقولها بملء الفم لا نستطيع أن نصلي أبدًا الصلاة، التي نعرفها جميعًا بكل تفصيلاتها في ضوء القرآن الكريم وحده، وإنما لا بد من السنة، التي تبين لنا كيف تكون الصلاة بكل ما أشرنا إليه من تفصيلات.
ومثل ما نقوله عن الصلاة نقوله عن سائر العبادات، من زكاة، ومن صيام ومن حج، الزكاة أيضًا وردت الآيات تطلب: إيتاء الزكاة، وآيات كثيرة مدحت المتصدقين، {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (المعارج: 24، 25) إلى آخر الآيات، لكن ما هي تفصيلات الزكاة؟ من الذي يستطيع أن يستخرج لنا من القرآن زكاة الأموال مثلًا؟، يعني: يبين لنا نصابها يبين لنا القدر المطلوب إذا بلغ المال النصاب، يذكر لنا شروط إخراج الزكاة.
أيضًا زكاة الزروع والثمار ورد مجملًا {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (الأنعام: 141) فقط، لكن التفصيلات في زكاة المواشي عروض التجارة الركاز، ... إلخ كل ذلك تكفلت ببيانه السنة المطهرة، وقل مثل ما شئت أو مثل ما قلنا عن الصلاة والزكاة، قل عن الصيام {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (البقرة: 185) فليصمه فعل مضارع اقترن بلام الأمر فأفاد الوجوب، صيام رمضان واجب على كل مسلم ومسلمة، متى نبدأ الصيام؟ ومتى ننتهي؟ وما هي المفطرات، وما هي كذا وكذا؟ كل ذلك تكلفت ببيانه السنة وكذلك الحج.