إذن العلاقة بين هذه الآية، وبين هذا الحديث هي علاقة الموافقة، وأيضًا في قوله -تبارك وتعالى-: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} (هود: 102) ونفس المعنى تقريبًا في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه، لم يفلته))، هذا أيضًا حديث رواه الإمام البخاري في كتاب التفسير، باب تفسير سورة هود، ورواه الإمام مسلم في كتاب البر باب تحريم الظلم.
الآية قالت: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ} يعني: هذا عقاب ربك {إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ} أي: بسبب ظلمها فإن عقابه أليم شديد، وكذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته))، أي: لن يتركه بدون عقاب، فالآية والحديث توافقتا على إثبات المعنى المقصود، وهو أن عقاب الله شديد للظالمين إذا أخذهم، وأنه قد يتركهم بعض الوقت إملاءً لهم، أو لعلهم يراجعون أنفسهم، فإذا استمروا في غيهم وظلمهم فسوف يعاقبوا.
العلاقة في هذه الحالة علاقة توافق أو موافقة، وهذا دور للسنة مع القرآن الكريم، قد لا يقتنع به البعض قد يعقب البعض على هذا، فيقول: يكفينا القرآن، ولا نحتاج إلى أي شيء يوافقه، ومن ثم فإن هذا النوع من أنواع العلاقة بين القرآن الكريم، وبين السنة المطهرة لن يوضح الصورة تمامًا في أهمية السنة، أو في شدة الاحتياج إليها في الإسلام بشكل عام، وأنه لا يمكن الاستغناء عنها أبدًا، فنقول: ننتقل إلى النوع الثاني من أنواع العلاقة بين القرآن الكريم، وبين السنة المطهرة، هذه العلاقة أيضًا مأخوذة من الآيات، التي ذكرنها في سورة النحل، يعني: أن الله -عز وجل- {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (النحل: 64).