من الفروق بين العلم النظري والعلم الضروري أي: العلم القطعي المستفاد من الضرورة الذي هو التواتر، أو العلم النظري القطعي الذي جاء بعد نظر واستدلال أن العلم الضروري يقع اليقين به لكل سامع له سواء كان عالمًا أو غير عالم.
أما العلم النظري، فلا يقع القطع به إلا لمن عنده أهمية النظر، لمن يدرك هذا الكلام يعني المثال الذي ضربناه مثلا: المثلث المتساوي الزوايا متساوي الأضلاع، الرجل الفلاح في الحقل، أو العامل في المصنع لا تعنيه مسألة لا من قريب، ولا من بعيد، ولا نستطيع أن نقيم عليه الحجة في أن هذا أمر مقطوع به؛ لأن الأدلة قد قامت عليه.
نعم هو يفيد القطع لكن بالنسبة لمن عنده أهمية القطع بهذا الأمر، أما من ليست لهم أهلية القطع فهو ليس حجة عليهم؛ لأن هذه الأمور لا يهتم بها إلا المتخصصون، ويأخذون هذه النظريات بعد إثباتها بالطرق العلمية؛ لتطبيقها في أمور علمية مختلفة، ينتفعون بها في أمور حياتهم.
هناك أيضًا من أنكر الذي نقوله، مثلا في إثبات التواتر أو في إفادة التواتر، ونحن لم نقف عليه حتى لم أشر إليه؛ لأن ماذا نفعل إذا وصل بنا الأمر إلى الجدال في البدهيات، مرة أخرى أقول:
وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل
على كل ووصلنا الآن إلى التساؤل عن الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم.
خبر الآحاد لكي أستعيد المسألة في ذهني، وفي ذهن المتلقي الكريم قلت: إن المتواتر يفيد العلم الضروري، طيب الآحاد ماذا يفيد، وبصيغة أخرى لأعرف الهدف من وراء هذا النقاش هل أقطع بصدق نسبة الحديث الآحاد إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- هل أتيقن مائة بالمائة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله أم يغلب على ظني؟
وهنا أقول إن الظن درجة من درجات العلم، أنا عندي ظن بمعنى الوهم،