بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الحادي عشر
(حديث الآحاد (2))
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد.
فالمسألة الأولى من المسائل المتعلقة بالآحاد: أن نتساءل عن الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم: ما هي الدرجة التي يفيدها خبر الآحاد من العلم؟
وكتوضيح لهذا قلت في الدرس السابق: إن الخبر المتواتر الذي ثبت تواتره يفيد العلم القطعي الضروري يعني علم متلقيه علم متيقن به سواء كان حديثًا أو غيره، كما قلت: وأيضًا هذا معنى قولنا: علم قطعي أو يقيني، ومعنى قولنا: علم ضروري هو أننا لا نحتاج إلى أدلة بعد ثبوت التواتر يعني: إذا كان الخبر الذي سنقوله تأكدنا من أنه خبر متواتر لا يصح بعد ذلك أن نبحث عن أدلة نؤيد بها صدق هذا الخبر، فمتى ثبت تواتره أصبح مقطوعًا به، هذا معنى قول أهل العلم: أنه مقطوع به يفيد العلم القطعي أو العلم اليقيني الضروري.
مثلا نقول أمريكا موجودة على خريطة العالم هل استدل أحد على وجودها؟ لكن تواتر الأخبار: فعلت أمريكا، قالت: أمريكا جعل السامعين قد تيقنوا بصدق هذا الخبر أي: بصدق وجودها على الخريطة، هذا مجرد مثال من الحياة العامة التي نعيشها جميعًا لا نحتاج بعد ذلك إلى إثبات أو إلى أدلة تثبت أن أمريكا أو غير أمريكا موجودة على خريطة العالم أو على خريطة الكرة الأرضية.
إذن الخبر المتواتر أصبح يفيد العلم الضروري الذي يستقر في النفس مثل البدهيات، لا يمكن دفعه عن النفس كما أنه لا يحتاج إلى أدلة تثبته أو إلى براهين تؤكده، وأيضًا لا يحتمل الخلاف حوله، كمثل الخلاف الذي يجري في النظريات لا!