هذه هي شروط الحديث المتواتر، نقول بعد ذلك انتقالًا إلى نقطة جديدة، إذا أصبح الخبر متواترًا ما الدرجة التي يفيدها من العلم؟ يعني توفرت هذه الشروط في أي خبر من الأخبار، بصرف النظر عن كون هذا الخبر حديثًا أو ليس حديثًا، كما ذكرنا قبل، يعني مثلًا إذا قالوا لنا: محمد سافر. إذا قالوا لنا: إن أمريكا فعلت كذا وكذا. إذا قالوا لنا: إن أول شهر ذي الحجة يوم كذا. أيًّا كان الخبر ما درجة العلم التي تقع في خاطري أو في عقلي نتيجة هذا الخبر؟
هو أولًا خبر متيقن؛ يعني مقطوع بصدقه يقينًا، وأنا هنا يعني أشير في إيجاز حتى تتضح المسألة؛ لأني سأحتاجها في قضية المتواتر، وسأحتاجها في قضية الآحاد، وسأحتاجها وأنا أرد الشبه عن حديث الآحاد؛ لأن هذه الشبه دراستها والرد عليها وتفنيدها هو الغرض الأساسي من إثارة هذا الموضوع، ونحن في مادة تتعلق بالدفاع عن السنة المطهرة.
المتواتر، إذا أصبح الخبر متواترًا أفاد القطع كما قلنا، ما معنى القطع؟ يعني أن السامع قد تيقن بأن الخبر صحيح، بالنسبة للأحاديث النبوية إذا كان الحديث متواترًا قطعنا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله، هذا معنى القطع يعني قطعنا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله، وأن نسبة هذا الحديث إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- نسبة يقينية مقطوع بها.
هذا القطع وصلنا إليه عن طريق تواتر الخبر، بعد أن يتواتر الخبر لا نحتاج إلى أدلة أخرى؛ لأن القطع في مسألة ما نصل إليه بوسائل كثيرة، مثلًا إذا قلنا: إن السماء فوقنا، وإن الأرض تحتنا، هذه قضية مقطوع بها، مبنية على المشاهدة، نحن نشاهد السماء فوقنا، والأرض تحتنا، فنحن وصلنا إلى القطع هنا عن طريق المشاهدة.
أيضًا إذا قلت: إن الواحد نصف الاثنين، هذه مسألة بدهية، وصلنا إليها بالقطع بها، لا نجادل ولا نماري فيها بالبداهة.