أن يتفق على الكذب؛ يعني يحدث بينهم اتفاق، ولا حتى يمكن أن يقع منهم من قبيل المصادفة، هذا وذاك يستحيل، كيف نصل إلى هذا العدد؟

هناك من قال: هذا العدد يكون أربعة قياسًا على شهود الزنا؛ اختاروا شهود الزنا بالذات لأنه أكبر الأعداد الذي تثبت به الحدود، القتل يثبت بشاهدين، القصاص يثبت بشاهدين، وقضايا الأموال أيضًا تثبت بشاهدين، أما الزنا بالذات فلا بد فيه من أربعة، وهذا ثابت بنص القرآن الكريم.

القاضي أبو بكر الباقلاني -رحمه الله تعالى- لم يقنع بهذا العدد في إثبات التواتر، بل قال: "وأتوقف في الخمسة". بعض من قال إن العدد أربعة، يؤيد قوله بأن الخلفاء الأربعة الأئمة الأجلاء العظام أفضل الأمة بعد نبيها: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي لو قالوا قولًا وأجمعوا عليه، فالقول قولهم.

يعني إذن كونهم أربعة يكفي، وأيضًا أو الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب الأربعة لو اجتمعوا على شيء فإن القول قولهم والرأي رأيهم، ومنهم من قال خمسة قياسًا على اللعان، اللعان الرجل الذي يلاعن امرأته يقسم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، وفي المرة الخامس أي في القسم الخامس يستنزل لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.

ومنهم من اشترط سبعة؛ يعني راعى أن هذا العدد قد اشتمل على العدد المطلوب في كل أنواع الشهادات، فيه الأربعة، وفيه الاثنان، وفيه الواحد؛ ويعني إذن العدد 7 جمع المطلوب في إثبات الشهادات كلها.

منهم من اعتبر أقل العدد للتواتر عشرة، وذلك مثل قوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} (البقرة: 196) ولأنها أول جموع الكثرة، والسيوطي -رحمه الله تعالى- اختار ذلك في كتابه الذي جمع فيه الأحاديث المتواترة، وأسماه (الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة) وقال فيه: "كل حديث رواه عشرة من الصحابة، فهو متواتر عندنا معشر أهل الحديث".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015