كل هذه أوامر نبوية، تدل على ضرورة الاهتمام بالسنة أيناقش أحد بعد ذلك في أن عدم كتابة السنة في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- تدل على أنها ليست حجة؟ نحن رددنا على هذه الشبهة من وجهين: الأول: إثبات أن السنة دونت بإذن من النبي -صلى الله عليه وسلم- في آخر حياته، وأن كثيرًا من الصحابة كتبوا.
ونرد على الجانب الثاني من الشبهة بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لو كانت حجة لكتبها؟ ها هو قد كتبها، وها نحن أثبتنا كتابتها، وأيضًا نرد بأكثر من هذا بكل الأحاديث التي تدل على أنه أمرهم وحثهم على ضرورة العناية بالسنة المطهرة، هذه محفزات النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكرها لهم، ((نضر الله امرأ سمع مقالتي وأداها كما سمعها، ورب مبلغ أوعى من سامع)) وفي رواية ((فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه)) هذه الرواية رواها الإمام الترمذي في كتاب العلم، باب الحث على تبليغ السماع.
ورواه أبو داود أيضًا في كتاب العلم، باب نشر العلم، ورواه ابن ماجه في المقدمة، ورواه الدارمي في المقدمة باب الاقتداء بالعلماء، كل ذلك يعني النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو بنضارة الوجه لمن أدى حديثًا واحدًا، فكيف بمن قام بدور كبير في صيانة السنة، ولم الاهتمام بالسنة إذا لم تكن حجة؟ كما يقول هؤلاء، ولم الحث على روايتها؟ ولم الأمر بأن يبلغها الشاهد الذي سمع للغائب الذي لم يسمع؟ سواء كان ذلك في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- أو بعد حياته -صلى الله عليه وسلم- ((ليبلغ الشاهد الغائب)) ليست مقصورة على حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- نعم هو قالها، وهو في حجة الوداع معهم، لكن الأمر إلى يوم القيامة.
كل من علم حديثًا وحفظه وفهمه، وتلقاه عن أشياخه، عليه أن ينقله إلى الأمة من بعده؛ لأن كل حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما هو جزء من هذا الدين، وهذه قضية أخرى.