للأنبياء والبعد عن الحق، هذا وجه الشبه الذي جمع بين الأولين وبين الآخرين في موقفهم من رسل الله -عليهم جميعًا أفضل الصلاة وأتم التسليم-.
في سورة آل عمران {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} (آل عمران: 7) إذًا المتشابه في القرآن له تفسيرات متعددة، هو الذي لا يعلم تأويله إلا الله، هذا معنى، وقد اختاره ابن حجر -رحمه الله تعالى- في "الفتح" في كتاب التفسير، هل هو المتشابه الذي يحمل وجوهًا متعددة من الفهم والتأويل والتفسير؟ هذا أمر ممكن، هل هو المتشابه الذي قد تعيا بعض العقول على فهمه فعليها أن تفوض أمر فهمه إلى الله تعالى؟
كل ذلك وارد، لكن المقصود لا يعلم تأويله إلا الله كما ذكرت الآية، لكن على كل حال هذه الآية يعني تبين أن المتشابه بمعنى الاشتباه الذي هو الالتباس على بعض الأفهام أن تفهم المراد عنه.
ووردت المادة في القرآن الكريم في آيات كثيرة {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} (الأنعام: 99) وفي الآية الأخرى {مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} (الأنعام: 141) والآيتان هنا بمعنى التماثل {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} (الزمر: 23) أي هنا أيضًا بمعنى التماثل يعني يشبه بعضه بعضًا في الفصاحة والبلاغة والتناسق لا تعارض فيه، ولا تناقض إلخ.
أيضًا جاءت مادة شبه في السنة المطهرة في أحاديث كثيرة بالمعنيين أيضًا، فمن ذلك ما رواه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بسنده إلى أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: " تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} (آل عمران: 7) ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن تلا هذه