كل ذلك والمسلمون جميعًا يأكلون مثل بعضهم، ويلبسون مثل بعضهم، ويتزوجون كما يأمرهم إسلامهم، ويبيعون ويشترون ويكوّنون علاقاتهم الاجتماعية، ويعرفون صلة الرحم، وحقوق الجيران، وكيف يربى الأولاد، وحقوق الزوجة، وكيف يجمعون أموالهم من الحلال الطيب؟ وكيف ينفقونها في الحلال الطيب؟ يا رب العالمين، كل ذلك على تباعد الأوطان، واختلاف الألسنة والألوان، وعلى تعدد اللهجات، وتعدد أشكال، ما بين أسود وأصفر وأبيض ... إلخ ... إلخ.

ومعصومون بحول الله تعالى من أن يذوبوا، لا يوجد مسلم مثلًا مهما كان في أرض يبيح أكل الخنزير، حتى وإن أكله في بلاد تسمح بذلك، لكنه يعتقد أنه حرام، لا يوجد مسلم في بقاع الدنيا يقول إن الخمر حلال، لا يوجد مسلم يأكل بغير أدب الإسلام، يأكل بيمينه، أنا أقول باعتبار ما يجب أن يكون.

إذن هذه الوحدة التي عصمت المسلمين أولًا أقامت صرح الود بينهم والأخوة والتلاحم، وعصمتهم من الزلل، كل ذلك الفضل فيه لله -تعالى- ثم للقرآن والسنة، فهي التي احتوت على المناهج التشريعية التي تعصم الأمة من التفرق، ومن الاختلاف، ومن الجري وراء الأعداء والتشبه بأخلاقهم أو سلوكياتهم إلخ.

كل مسلم في الدنيا يكره الشذوذ وينبذه، كل مسلم في الدنيا حتى وإن وقع من البعض بعض الرذائل، وبعض النقائص وبعض الكبائر، فهم يعلمون أنهم يفعلون محرمًا، غيرهم ينعزل عن قضية الدين بالمرة لا يفكر في حلال، ولا في حرام.

إذن السنة النبوية أولًا هي من الأصل قامت عليها وحدة الأمة، ثم هي بعد حافظت على تلك الوحدة، تأتي على المسلمين عصور ضعف، يتفرقون فيها في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015