الأمر الأول: أن نعلم أن السنة الصادرة عن النبي -صلى الله عليه وسل م- حجة، وأصل من أصول التشريع.

الأمر الثاني: أن نتأكد النبي -صلى الله عليه وسل م- قال هذا الحديث، حتى نقول عنه إنه حديث صحيح، فإذا ثبتت نسبة الحديث، وهذا هو عمل علماء الحديث حين يقولون أن هذا حديث صحيح، وهذا كذا يعني معناها أنه ثبتت نسبته للنبي -صلى الله عليه وسل م-.

فنحن نريد أن نتأكد من أمرين: الأمر الأول: أن السنة حجة. والأمر الثاني: أن النبي -صلى الله عليه وسل م- قد قال هذا الحديث.

طبعا محل الشاهد في كلامنا الآن هو الأمر الأول، وهو حجية السنة بعد التثبت من صدورها عن رسول الله -صلى الله عليه وسل م- فهل وقع فيه خلاف؟

لا شك أن من العلماء من أنكر حجيتها في نواح خاصة، كمن أنكر استقلالها بالتشريع، ولم ير الاحتجاج بها فيما ليس فيه قرآن، وكمن يرى أنها لا تنسخ القرآن وغير ذلك.

يقول: ولا كلام لنا في هذه المسائل، وإنما كلامنا في ثبوت حجية السنة في الجملة، فهل من العلماء من نازع في ذلك، وقال: إنه لا يحتج بشيء منها بحال؟

لا نجد في كتب الغزالي والآمدي والبزدوي، وجميع من اتبع طرقهم في التأليف من الأصوليين تصريحًا، ولا تلويحًا بأن في هذه المسألة خلافًا، وهم الذين استقصوا كتب السابقين ومذاهبهم، وتتبعوا الاختلافات حتى الشاذة منها، واعتنوا بالرد عليها أشد الاعتناء، بل نجدهم في هذه المسألة لا يهتمون بإقامة دليل عليها، وكل ما فعله بعضهم أنه ذكر بحث العصمة قبل مباحث السنة على سبيل الإشارة إلخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015