بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس السادس
(أدلة حجية السنة المطهرة (2))
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه:
كنا قد وصلنا إلى سورة الأنفال وأشرنا إلى الآية في مطلعها {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (الأنفال: 1) هذا أمر بطاعة الله ورسوله، وهنا في هذه الآية جعله الله تعالى من علامات الإيمان.
أيضًا في سورة الأنفال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} (الأنفال: 20، 21)، وفي سورة الأنفال أيضًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} (الأنفال: 24) بينا أن الله -عز وجل- حين ينادي بوصف الإيمان؛ فإن ما بعد النداء يكون من مطلوبات الإيمان، التي على المؤمن أن يحققها في نفسه؛ لكي يستحق أن ينادى بهذا الوصف الإيماني.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا} فعل أمر، يطلب الله -عز وجل- من المؤمنين ويناديهم بصفة الإيمان؛ أن يستجيبوا لله وللرسول في كل ما يأمران به وينهيان عنه، {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا} يا أمة الإيمان أن الله -عز وجل-، ورسوله -صلى الله عليه وسلم- لا يدعوان ولا يأمران بشيء إلا إذا كان فيه حياة الأمة، استجيبوا لله ورسوله إذا دعاكم لما يحييكم، وليس المقصود بالحياة هنا الحياة التي نعرفها من أكل ومشرب ومطعم؛ لا، إنما الحياة العزيزة الحياة الكريمة، الحياة الطيبة، الحياة المطمئنة. حياة العلو، والعز والتمكين، والتوفيق والسداد، والهداية والرشاد، حياة القرب من الله -عز وجل- والتماس الرضا منه سبحانه وتعالى، كل ذلك مرتبط باستجابة الأمة لكتاب ربها وسنة نبيها -صلى الله عليه وسلم.