كل ذلك وارد لكن اختار ابن حجر أن المعنى المقصود: هو أنه لا يعلم تأويله إلا الله، كما ذكرت الآية التي معنا في سورة آل عمران، إذًا الاشتباه هنا أي: اختبار وامتحان للأمة في تفويضها أمر هذه الآيات إلى الله -تبارك وتعالى-.
أيضًا في سورة النساء: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} (النساء: 157) وهي تحتمل الوجهين في الحقيقة، تحتمل أن يقال شُبّه أي: اختلط عليهم لم يميزوه؛ لأن القصة بإيجاز أن الله ألقى الشبه على بعض تلاميذ سيدنا عيسى -عليه السلام- فقتلوه بدلًا من سيدنا عيسى، هم لم يقتلوا سيدنا عيسى أبدًا كما قال القرآن الكريم: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} (النساء: 157) فيا ترى، شبه لهم يعني التبس عليهم بغيره، أم بمعنى أن الله ألقى شبهه -أي مثله- على أحد تلاميذه فقتلوه، الآية تحتمل هذا وذاك، ولا بأس من إرادة المعنيين معًا، ما دام السياق يحتمل ذلك.
في الأنعام: {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} (الأنعام: 99) وفي الآية 141: {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} (الأنعام: 141) الآيتان معًا بمعنى التماثل يعني هذا يشابه هذا ويماثله في كل عناصر الشبه من الحلاوة والجمال إلى آخره.
في سورة الزمر: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} (الزمر: 23) أي: الله نزّل أحسن الحديث أي: القرآن الكريم كتابًا متشابهًا، هنا بمعنى التماثل أيضًا والتشابه، أي: يشبه بعضه بعضًا في الفصاحة والبلاغة والتناسب، بدون تعارض وبدون تناقض أبدًا، {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}.
هذه هي الآيات في حدود البحث التي وردت فيها كلمة الشبه أو مادة الشبه، وكلها أو معظمها دارت حول معنى التماثل، وقليلٌ منها دار حول معنى الالتباس.