الأمة، يأمرهم بكل ما هو خير ومعروف، وينهاهم عن كل منكر وقبيح يسبب لهم الأذى ويسبب لهم الفشل أو يسبب لهم الشر في دينهم أو في دنياهم، وينهاهم عن المنكر، {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ}، كل حلال طيب، وكل حرام خبيث، ولن تجد طيبًا أبدًا في الحرام، ولن تجد خبيثًا في الحلال، قواعد كلية أرساها القرآن الكريم: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} جاء لرحمتنا، جاء لإنقاذنا من الهلكة، جاء لرفع الإصر، جاء لفكّ القيود والأغلال بحسن اتباعه؛ فيكون ذلك طريقًا إلى الجنة بإذن الله.
{فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ} فقط {أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون}، أولئك هم المفلحون جملة معرفة الطرفين، أولئك مبتدأ، وهو من أسماء الإشارة، وهو أحد أنواع المعارف، وهم ضمير فصل للتأكيد، والمفلحون خبر، والجملة المعرّفة الطرفين، جملة تفيد القصر هذا من أساليب القصر، يعني: الفلاح مقصور على هذه الطائفة التي آمنت به وعزرته -يعني: احترمته، ووقرته، وقدرته وأنزلته منزلته اللائقة به -صلى الله عليه وسلم- من خلال الأدلة الواردة في هذا؛ {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ} نصروه حيًّا، ونصروه ميتًا بنصرة سنته أيضًا؛ باتباعها، بالدعوة إليها، بالدفاع عنها، بالتمكين لها، بردّ الشبهات حولها.
{فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ} هؤلاء فقط الذين نالوا الفلاح، والفلاح كما نعلم هو الفوز بالمطلوب، والنجاة من المرهوب، وهو نتيجة أو أمل أو رجاء يجب أن نسعى إليه جميعًا، نسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا الجنة، وهي قمة ما نرجوه من فلاح، وأن ينجينا من النار وهي قمَّة ما يُخشى من المهالك، {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} (آل عمران: 185)، فهذا