أولًا: قضية بيان السنة المطهرة للقرآن الكريم، وأنها نوع من أنواع العلاقة المؤكدة بين القرآن الكريم وبين السنة المطهرة، هذا أمر مستقر عند العلماء وتكلموا فيه:
يقول الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- في كتابه الرائع (الرسالة) بأسلوبه الفصيح البليغ: "فجماع ما أبان لخلقه في كتابه -أي: جماع الأمور التي بينها الله -تبارك وتعالى- لخلقه في كتابه مما تعبَّدهم به لما مضى من حكمه جل ثناؤه -يعني: ما مضى من حكمه مما تعبد به عباده جل ثناؤه- أنه بيَّن لهم ما يريده منهم من وجوه، منها ما أبانه لخلقه نصًّا -يعني: الله -عز وجل- بيَّن بالنص ما يُريده من خلقه، مثلًا في بيان فرائضه، في أن عليهم صلاة، وزكاة، وحجًّا، وصومًا، وأنه حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وحرم الزنا والخمر، أو خص الزنا والخمر بالذكر، وحرم أكل الميتة والدم ولحم الخنزير، وبيَّن لهم كيف كان فرض الوضوء، من أمور كثيرة بيَّنها نصًّا -جل في علاه- في كتابه، النوع الثاني: ومنه ما أحكم فرضه بكتابه، وبيَّن كيف هو على لسان نبيِّه مثل عدد الصلاة، والزكاة، ووقتها، وغير ذلك من فرائضه التي أنزل من كتابه، ومنه ما سَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما ليس لله فيه نص حكم -ما سن يعني: ما فرض وما شرع وقد فرض الله في كتابه طاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والانتهاء إلى حكمه، فمن قَبِل عن رسول الله فبفرض الله قَبِل.
هذا الكلام عن أن السنة تُشرع وعلينا أن نسمع وأن نطيع، وبفرض الله على الأمة أن تتبع رسولها، ومنه ما فرض الله على خلقه الاجتهاد في طلبه، وابتلى طاعتهم في الاجتهاد، كما ابتلى طاعتهم في غيره مما فرض عليهم -أي: فتح