بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس التاسع عشر
(حديث فقء موسى -عليه السلام- لعين ملك الموت، ودفع ما أثير حوله من شبهات)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأحبابه وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
حديث فقء موسى -عليه السلام- لعين ملك المو ت:
وهذا من الأحاديث التي تكلموا بصددها، وتقوَّلُوا على هذا الحديث ما شاء لهم أن يقولوا، وتكلموا على أنه مخالف للعقل ومخالف للشريعة، وما إلى ذلك، ونحن في هذا الأمر سنردّ عليهم وعلى شُبههم التي أثاروها بإذن الله -تبارك وتعالى-.
نتكلم أولًا عن تخريج الحديث:
هذا الحديث روتْه كل كتب السنّة، رواه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في (الصحيح) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: ((أُرْسِل ملك الموت إلى موسى -عليهما السلام- فلما جاءه صكه)) يعني: لما جاء ملك الموت إلى سيدنا موسى صكه، أي: ضربه: ((فرجع إلى ربه فقال: أرسلتَني إلى عبد لا يريد الموت، فردَّ الله عليه عينَه، وقال: ارجِعْ، فقل له: يضع يده على متن ثَوْر، فله بكل ما غطَّت به يده بكل شَعْرة سَنَة)) رجع ملك الموت إلى سيدنا موسى أخبره بذلك، سيدنا موسى يسأل: ((قال: أيْ ربِّ، ثم ماذا؟ قال: ثم الموت. قال: فالآن. فسأل اللهَ أن يدنيَه من الأرض المقدسة رميةً بحَجَر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فلو كنت ثَمَّ -أي: هناك- لأريتُكم قبرَه إلى جانب الطريق عند الكَثِيب الأحمر)).
هذا الحديث رواه البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب: الجنائز، باب: مَن أحبَّ الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها. وأخرجه أيضًا في كتاب أحاديث الأنبياء، باب: وفاة موسى -عليه السلام- وأخرجه مسلم -رحمه الله تعالى- من حديث أبي هريرة في كتاب: الفضائل، باب: من فضائل موسى -عليه السلام- وأخرجه من طريق آخر أيضًا في نفس الباب السابق والكتاب السابق.