من خلال أنبيائهم"؛ لأن كل خطاب للنبي إنما هو خطاب لأمته، إلا ما قام الدليل على تخصيص النبي -صلى الله عليه وسلم- به.
إذن حين أخذ الله العهد والميثاق من الأنبياء فإنه قد أخذه من أممهم في نفس الوقت، أن أحدًا منهم إذا أدرك هذا النبي عليه أن يؤمن به: {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} وأعطوا العهد والميثاق على ذلك، وشهدوا على أنفسهم، وقامت الحُجّة عليهم، ولذلك عَلِم الأنبياء بنبوته -صلى الله عليه وسلم- وتطبيق ذلك عمليًّا كان في ليلة الإسراء والمعراج، حين أُسْرِي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أو عُرِج به إلى السماوات العلى: ((أَوَقَدْ بُعث إليه؟)).
هذا سؤال من يعرفون نُبُوَّته، غير أنه يسأل عن الوقت والزمان، هل بُعِث إليه الآن؟ فتكون الإجابة نعم، فيرحبون به، أما آدم -عليه السلام- فرحب به؛ لأنه ابن له، وآدم أبو الخلق جميعًا، وليس أبا الأنبياء فحسب، وفي السماء السابعة -يعني: في المبتدأ والمنتهى- التقى بأبويه؛ بأبيه البعيد آدم، وبأبيه القريب إبراهيم -عليهما السلام وعلى كل الأنبياء والمرسلين- وكلهم رَحَّبوا به، والأبوان قالَا: ((مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح))، وبقية الأنبياء قالوا: ((مرحبًا بالنبي الصالح وبالأخ الصالح))، رَحَّبوا به، وفرض الله الصلاة ثم نزل، وحدثت المراجعة مع موسى -عليه السلام-.
كان من الممكن أن يُحْمَل جسده الشريف من غير دابة، لكنها تدريب لنا:
أولًا: الدابة في حد ذاتها معجزة بما تملكه من قدرات وإمكانيات.
ثانيًا: هي أيضًا تدريب لنا في الأخذ بالأسباب، يعني: نتوكل على الله ونفوض الأمر إليه، لكن ذلك لا يعني ترك الأسباب.