بطون المخلوقات جميعًا، والله -عز وجل- قد امتن علينا: {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ * وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا} (النحل: 65، 66) من بين الفرث والدم يُخرِج الله لبنًا خالصًا سائغًا للشاربين: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا} (النحل: 67) تتخذون شيئًا يسكر يذهب العقل: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} (النحل: 67) ولذلك وصف الرزق هنا بالحسن، كل شيء صالح لهذا، وصالح لهذا، إما بالاستعمال البشري، وإما بالفطرة التي فطره الله عليها، كل ذلك وارد في الأحاديث النبوية.
إذن لا نستطيع أن نرد هذا الأمر، إنما نقول: وقد ضربنا أمثلة كثيرة لهذا الأمر من واقع المخلوقات التي خلقها الله -تبارك وتعالى-.
أيضًا من ناحية أنه مخالف للعقل:
أيّ عقل هذا؟ مادام أن الذباب في هذا الصنيع فائدة لنا أن تحدُث المعادلة بين الترياق وبين الداء، إذن هي فائدة، وأيّ عقل ينكر هذه الفائدةَ هو العقل الذي يراجع نفسه، عليه أن يكمل نفسه بالمواد العلمية، أو بالبحث العلمي الذي يستطيع أن يتأكد من هذه الحقيقة.
إذن قوله: "إنه يخالف العقل" عقولنا تقبله، بل إني أرى أن هذا الحديث فيه سبق اقتصادي، فيه سبق مالي طيب جدًّا، يعني لو وقع الذباب في آنية من العسل فيها بضعة كيلوهات من العسل، من اللبن، من السمن، نرميه؟! من الذي يقول ذلك؟ أيّ عقل؟ هاتِ أي سيدة من رَبات البيوت التي تحافظ على المعاش وعلى النقود وعلى كذا، صدرها يضيق جدًّا بأن تُلقِيَه وأن تُرِيقَه؛ لأن الذباب وقع فيه، بل إنها لو لم تقل: "نغمسه" ستتصرف، تغليه في النار أو تقدحه في السمن