على كل حال لو استغربنا بعض الأمور فلا ينبغي أن ننكرها، ولا أن نقول باستحالتها، إنما علينا أن ندرسها بعمق حتى يزول هذا الاستغراب، لا أن يكون الاستغراب حاجزًا يتضخم إلى أن يصل إلى حد الإنكار والرفض الذي يوقع صاحبه في معاندة القرآن والسنة المطهرة.
هذه خلاصة المسألة، فنحن لا نصادر على من يستغرِب، ولكن نعتب على من يتوقف عند حدود الاستغراب ثم يتضخم هذا الاستغراب عنده ليصل به إلى حد الإنكار والحكم بالاستحالة، فيصبح مصادمًا لنصوص القرآن الكريم ونصوص السنة المطهرة التي ثبتت صحتها عند علماء الأمة الأثبات.
إذن نفرغ من هذا أن الحديث صحيح، وأنه ورد من طرق متعددة، وأنه ثبتت صحته، وأجمع علماء الأمة، ولا نجد واحدًا من علمائنا الأثبات القدامَى الذين نظروا في السنة ومنحوا الإجماعَ على حديث البخاري -أي: على صحته الإمام البخاري والإمام مسلم، رحمهما الله تعالى- وقلنا: إن الأمة قد تلقت أحاديثهما بالقبول وأجمعت على ذلك، لم نجد واحدًا من هؤلاء الأثبات توقف عند هذا الحديث واعترض عليه.
الآن ندخل إلى بعض الشُّبَه التي أثاروها شبهةً شبهةً:
كيف يعرف الذباب أنه يحمل في أحد جناحيه داءً وفي الآخر دواءً؟ وكيف أنه ينزل بالجناح الذي فيه الداء؟ هل الذباب عاقل حتى يستطيع أن يدرك ذلك؟
لو أنكرتَ ذلك، ما المانع أن يلهمه الله -تبارك وتعالى- ذلك، الذباب لا يتحرك بمفرده، يتحرك بفطرته التي فطره الله عليها، وليس الذباب فحسب، الحية فيها