لكن بشكل عام هذا الحديث رواه أبو هريرة، وأبو سعيد الخُدْري، وأنس بن مالك، وعلي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم أجمعين-.

وكما قلت فإن فضيلة الشيخ خليل مُلَّا خاطر قد تتبع طرقه من رواية هؤلاء الأصحاب الأربعة، وَحَصَرَها في مباحث خاصة: طرق حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- طرق حديث أبى سعيد الخدري -رضي الله عنه- طرق حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- وطرق حديث علىّ بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه-. ثم بعد أن جَمَعَ الطرق درس الأسانيد وانتهى إلى أن الحديث صحيح كما هو إجماع أمة الإسلام، حقيقةً ليس كلامه في هذا الأمر جديدًا ولا شيء، لكنه يؤكد ما أجمعت عليه الأمة من أن هذا الحديث صحيح، وهو قد أجمعت الأمة على تلقيه بالقبول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وهو يختم كلامه في هذه المسألة فيقول:

ومن الغريب جدًّا أن هذا الحديث بعينه -هو حديث الذبابة- لم يكن مما قد استدركه أحد من أئمة الحديث على البخاري -رحمه الله تعالى- بل هو عندهم جميعًا مما جاء على شرطه، وفي أعلى درجات الصحة، ولم يتكلم فيه إلا من لا خَلَاق له في العصور المتأخرة، كما قال الخطابي -رحمه الله تعالى-: تكلم على هذا الحديث من لا خلاق له.

إن هذا الحديث قد أجمع المسلمون على الأخذ به والعمل بمقتضاه، وجعلوه أصلًا بنَوْا عليه حُكْمًا مهمًّا، وهو طهارة الماء القليل والطعام إذا وقع فيه ما لا نفسَ له سائلة، وقاسوا على الذبابة ما شاكلها مما يرتبط معها بنفس العلة، كما أن الأطباء المسلمين القدامى ذكروا أمورًا مهمة ما زال معمولًا بها في كثير من البلاد الإسلامية، إلا مَن أصاب بصيرتَه العمى؛ ولهذا فإني سأبحث في هذا الباب من ناحيتين: اعتماد الفقهاء على هذا الحديث، ما ورد على ألسنة الأطباء القدامى والمحدثين وفْق هذا الحديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015