ينتقل الإمام الشافعي إلى أدلة أخرى: يروي بإسناده عن عمرو بن عبد الله بن صفوان عن خالٍ له يقال له: يزيد بن شيبان، قال: كنا في موقف لنا بعرفة -يباعده عمرو من موقف الإمام جدًّا، يعني: هو بعيد عن موقف الإمام جدًّا- فأتانا ابن مِربع الأنصاري فقال لنا: ((أنا رسولُ رسولِ الله إليكم، يأمركم أن تقفوا على مشاعركم؛ فإنكم على إرثٍ من إرث أبيكم إبراهيم)) عمرو هذا يقول: إنه كان بعيدًا عن الإمام. أي: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأرسل إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسولًا يقول: ((أنا رسولُ رسولِ الله إليكم، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يأمركم أن تقفوا على مشاعركم؛ فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم)) هذا الرجل واحد ذهب إليهم بحكم شرعي.
ويستمر الإمام الشافعي يقول: وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر واليًا على الحج في سنة تسع، وحضره الحج من أهل بلدان مختلفة وشعوب متفرقة؛ فأقام لهم مناسكهم وأخبرهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما لهم وما عليهم، وبعث علي بن أبي طالب في تلك السنة؛ فقرأ عليهم في مجمعهم يوم النحر آيات من سورة براءة، ونبذ إلى قوم على سواء وجعل لهم مددًا، ونهاهم عن أمور، يعني: هذه كلها أحكام شرعية معروفة في كتب الفقه والاستطراد مع بيانها يطيل الأمر جدًّا ...
أمّر أبا بكر وهو واحد، وأخبرهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بما لهم وبما عليهم وبعث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في تلك السنة قرأ عليهم آيات من براءة وهو واحد، ولم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليبعث إلا واحدًا إلا والحجة قائمة بخبره على من بعثه إليهم: لا يرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- واحدًا بأمر ما وهو يعلم أن الحجة قائمة على المبعوث إليهم بوصول هذا الرسول إليهم ليخبرهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أمر به وما نهى عنه.
الشافعي -رضي الله عنه- يقول: فرّق النبي -صلى الله عليه وسلم- عمّالًا على نواحي، عرفنا أسمائهم